رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

- «على شرف آلاف الضباط والجنود المصريين والسودانيين وعائلاتهم، من نساء وأطفال.. قاتلوا دفاعًا عن الدولة الحديثة ووحدة وادى النيل واستشهدوا أو بيعوا رقيقًا على أبواب مدينتى الأُبَيِّضْ عاصمة كردفان والخرطوم عاصمة السودان الحديث»، كتب المبدع فتحى إمبابى روايته الجديدة «رقص الإبل» (هيئة الكتاب -2022) وهى الثالثة فى مشروع متكامل سماه «ذاكرة أمة»، وفى قلبه شرع فى كتابة «خماسية النهر» والتى صدر منها أولًا رواية: نهر السماء(1987) تليها عتبات الجنة (2014) وثالثا رقص الإبل.. وأما الراويتان الرابعة (عشق) والخامسة (منازل الروح) فهما تحت الطبع.

رواية رقص الإبل جزء من «سيرة الهوية الوطنية لوادى النيل» كما قال لى مؤلفها. فى الحقيقة فإن كاتبًا وكتابًا ينعش ذاكرة الأمة، وتأتى سطوره على شرف آلاف الضباط والجنود المصريين والسودانيين، فهذا أدب يستحق التنويه والاحتفاء.. فما أحوجنا للذهاب والغوص فى الذاكرة الوطنية، وأن يطل بنا كاتب على وقائع وأحداث وبطولات نسيها الناس، أو لم يعرفها بعضهم من الأساس. والحقيقة أن السودان.. ذلك البلد الشقيق العظيم وكان جزءًا من مصر حتى استقلاله، ومثل بالنسبة لمصر عمقًا استراتيجيا.. ولطالما كان من أدبيات حزب الوفد (القديم والجديد) الدفاع عن وحدة وادى النيل.. وهذه الصحيفة (الوفد) ظلت حتى بدايات انحسار الصفحات المتخصصة فى الصحف، تخصص صفحة أسبوعية بعنوان «الأشقاء»، سعت فيها دوما إلى التواصل مع الشعب السودانى، الذى تربطنا به وشائج قوية، ويعيش فى رحابنا آلاف من الاشقاء السودانيين. الشروع فى قراءة أدب فتحى إمبابى مسألة ممتعة، طولها أدب وعرضها جغرافيا وعمقها تاريخ.. ولاشك أن خلفية الكاتب كأحد قادة الحركة الطلابية فى السبعينيات من القرن العشرين، يتيح له الفرصة كاملة لكى يغوص فى أعماق التاريخ ويستلهم من وقائعه وحروبه ومعاركه وأحداثه، ما ينعش بالفعل ذاكرة الأجيال الجديدة فى أمةٍ.. بات يوجه لها سهام النقد، كونها أصبحت بلا ذاكرة. وطبقا لفتحى إمبابى فإن من «النادر أن يعلم القارئ شيئا عن قبائل (الحَمَر، الجوامعة، الجعلين، الدينكا، البارى، الشير …الخ) التى تعيش بالسودان. وهذا وحده لمن يرغب فى المعرفة والاستفادة ان يطل على رواية رقص الإبل، التى ما إن تشرع فى قراءتها، حتى تجد لغة خاصة للكاتب، تمسك بذائقتك، ولا تتركك الا وقد التهمت الكثير من سطور رواية صعبة، يصعب فعلا أن تفعل شيئًا آخر مع انشغالك بقراءتها.

وطبقًا لفتحى إمبابى أيضًا -وأنا هنا لا أتصدى للرواية بالنقد وإنما بالتعريف والتنويه- فالنقد له رجاله ومتخصصوه- فإن «من النادر أن نجد من يتوفر لديه معلومات تاريخية عن الحروب التى دارت فى القرن التاسع عشر. (عقب هزيمة الثورة العرابية) بين هويات مضمرة تتنازع داخل نسيج الجماعات الثقافية والعرقية، التى تعيش على ضفاف النيل، مثل معارك الأُبَيَّض وشيكان والخرطوم أو معركتى آمادى والرجاف، وجميعها دارت بين جيش الثورة المهدية والقوات الحكومية المصرية والقبائل المتحالفة». كل هذا مما يغرى على قراءة رواية نفذت نسخها تقريبًا ويصعب الحصول عليها الآن، فإمبابى الكاتب المتميز ليس لديه إلا أسلوبه وإبداعه، هو المروج له وليس شيئًا آخر.. والحقيقة أن الكتابة على شرف الضباط والجنود دوما تستحق التنويه والحفاوة.