رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

بالمختصر المفيد وبصراحة وأكاد أقسم على هذا، نسبة تزيد على 50% من معاناة وغضب ويأس فئات الطبقة المتوسطة وما تحتها فى بلدنا الحبيب سببه المواطنون أنفسهم ممن على كراسى السلطة من مسئولين، لعدم مراعاة أغلبهم لضمائرهم، وقيامهم بعملهم بما يرضى الله، وبواجبهم المفروض لخدمة المواطنين وتذليل العقبات أمامهم، وإزالة «كلابشات» البيروقراطية، أقسم أن لهاث المواطن أمام الأبواب المؤصدة دونه، وبين عشرات المكاتب، وشعوره بالذل والمهانة هنا، وتحايله على هذا وذاك هناك، ليحصل على حقوقه التى تكفلها له الدولة والدستور وقرارات الحكومة، كل هذا يكدس شعوره بأعباء مضاعفة، ويحشد غضبه ولن أقول كراهيته ليس للمسئولين وحدهم، بل للدنيا والحياة كلها.

 وسأضرب بعض الأمثلة وليس على سبيل الحصر، لنواجه أنفسنا، بأن ظروف المعيشة والغلاء لو كانت وحدها هى ما نعانى منه، مع وجود خدمات ميسرة فى كافة المرافق ومناحى الحياة بمصر، وحقوق فى المتناول دون تعقيدات، ودون أن نبذل أياماً بل شهور تستنزف جهدنا ووقتنا، وأموالا فوق طاقتنا فى الإكراميات والرشاوى، وبحثا عن الواسطة لنقضى مصالحنا، لهانت كثيراً الأمور علينا، ولصرنا أكثر رضا وقبولاً لما تمر به مصر من ظرف اقتصادى، شأنها شأن كل دول العالم.

أنا فقير ولى حق فى الحصول على معونة تكافل وكرامة، لكنى أجد الأبواب مؤصدة والإجراءات معقدة تحول دول وصول هذا الحق إلى بسهولة وسرعة، فاضطر للانتظار طويلاً والسخط يملأنى أو أبحث عن واسطة، مسئول مهم، عضو مجلس نواب، شخص ينتمى للجهات السيادية المعروفة، أو إعلامى مشهور أو صحفى له اتصالات، حتى أحصل على تلك الجنيهات التى تساعدنى ولو قليلا فى المعيشة، وإن لم أجد الواسطة، سأبقى ذليلاً على أبواب المسئولين، أقدم فى أوراق، وأتسول توقيعات حتى أحصل على حقى المكفول من الدولة.

أنا من ذوى الاحتياجات، ولى حق فى الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة، فإذا بوسائط التواصل مع الجهات المعنية معطلة إلكترونياً، والمسئولون يغلقون الأبواب أمام مطلبى بل بعضهم يأمر الأمن بطردى لكثرة إلحاحى الذى يعكر مزاج قهوتهم الصباحية، وتمتد الإجراءات طويلة، طويلة ومعقدة بين «قومسيون» طبى وعدة تقارير أخرى، وأظل ألف وأدور فى ساقية من الإجراءات، شهور وقد تصل إلى سنة أو أكثر، حتى أحصل البطاقة المعجزة، أو قد أصل إلى واسطة من مسئول ما يحرك طلبى، فأى شعور سيتراكم لدىّ تجاه المسئولين وكل الدولة؟

لدى طفل أريد إلحاقه بالمدرسة القريبة من بيتى بالحى، وإذا بى أجد نفس الإجابة التى تتكرر مع كثيرين مثلى ممن ليس لهم واسطة، وليس لهم سوى الله يلجأون إليه، ستخبرنى إدارة المدرسة أن الأماكن امتلأت ولم يعد هناك مكان لطفلى، وعلىّ أن ألحقه فى مدرسة أخرى بعيدة، لأعانى وأتكبد المشاق مع طفلى، وينصحنى من حولى بالبحث عن واسطة، وبالفعل، سيخلو فجأة مكان لطفلى بالمدرسة بعد السبع «دوخات»، ونفس الأمر فى الجامعات الأهلية والخاصة، إذا لدىّ واسطة سيتم قبول ابنك أو ابنتك رغم أن العدد كان مكتملاً قبل هذه الواسطة.

أنا مرضت، وأحتاج إلى إجراء جراحة عاجلة، أو الاحتجاز بغرفة عناية مركزة بمستشفى عام، أو حتى لدى تأمين صحى، سيخبرونك بعدم وجود سرير واحد خالٍ، ولكن عندما ألجأ إلى الواسطة، سيفرغ على الفور سرير لى، وإذا كانت الواسطة رفيعة المستوى سيخصصون لى غرفة، أما من ليس لهم واسطة، عليهم الموت على أبواب المستشفى انتظاراً فى قائمة سوداء طويلة.

وللحديث بقية....

[email protected]