رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

 

 

 

بدأ الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، معركته مبكرًا فور توليه منصب الوزارة فعلياً، بإعلان الحرب على الولادة القيصرية التى أصبحت واقعًا مخيفًا يصعب تغييره، وصناعة اكتملت جميع مقوماتها واستثمارات هائلة منذ عدة عقود يصعب هدمها، أو حتى الحديث عنها، خصوصاً أن هذا النوع من الاستثمار أو الصناعة إذا جاز التعبير تغلغل داخل المجتمع بصورة مخيفة مغيراً ثقافات وعادات عاش عليها الآباء والأجداد عقوداً طويلة لا يعرفون غيرها، وفجأة احتلت مستشفيات الولادة الخاصة طبقاً لتصريحات وزير الصحة بأنها تقترب من نسبة الـ٦٠% من إجمالى مستشفيات الولادة بمصر، ويؤكد خبراء فى الطب أنها تزيد عن هذه النسبة كثيرًا خصوصًا مع تردى الخدمة بمستشفيات الحكومة والخوف على حياة الأطفال والأمهات.

وأندهش من تصريح وزير الصحة الذى اكتفى بتوضيح الفرق بين النوعين من الولادة، مؤكدًا أن الولادة القيصرية تسببت فى ولادة أجيال غير مكتملة النمو ولا بد من الاستعانة بحضانات لإنقاذ حياتهم معللاً بعدم وجود حضانات شاغرة بجميع مستشفيات مصر، فى نفس الوقت الذى يريد فيه سيادته تغيير هذه المفاهيم وهذا الواقع المؤلم بتصريحات، أو الوعد بصرف مكافآت هزيلة داخل المستشفيات الحكومية فى حالة تفوق الولادة الطبيعية على الولادة القيصرية، رغم أن المعركة بين الولادتين غير متكافئة بالمرة، كما أنه يعلم تمام العلم أن صناعة الولادة القيصرية والقلاع التابعة لها، والمتمثلة فى مراكز التحاليل والأشعة ومراكز علاج العقم ومستشفيات الولادة، والحضانات وشركات الأدوية قد بدأت معركتها مبكرًا مع عملائها بداية من الإقبال على الزواج والمتابعة قبل الحمل وبعده، لإعداد جيل كامل من الأزواج والزوجات لا يقتنع بالولادة الطبيعية ولا يعلم عنها شيئاً، وتزداد مهارة مراكز الولادة يوماً بعد يوم كلما تفوقوا فى متابعة الأجنة فى جميع المراحل، وكلما زادت مهارتهم فى التدخلات العلاجية لتحديد وزن الجنين وحالته الصحية وحالة الرئتين وكلما زادت المهارة زاد استنزاف الأسر، وكلما اقتربت مواعيد الولادة زادت معها حالات بيع الحلى أو أثاث المنزل أو الاقتراض للاستعداد للمعركتين القادمتين، الأولى وهو الولادة القيصرية التى لا بديل عنها، لأن الأطباء الجدد لم يتدربوا إلا عليها، أما المعركة الثانية وهى تدبير مبلغ لا يستهان به لتشغيل الجزء الآخر من مستشفيات الولادة وهى الحضانات والتى يعتبر استثمارها يفوق بيع المخدرات وتجارة السلاح، وتنتعش يوماً بعد يوم ولا يتطلب لتشغيلها سوى نظرة عابرة من طبيب الولادة القيصرية، تتلوها عبارة مكررة تخرج من الأنف أو سقف الحلق أو طرف اللسان: دخلوه حضانة حالاً، وتتم كلبشة والد الطفل بالسداد مقدماً وإذا حاول نقله لحضانة حكومية تتعلل هذه العصابات بأن حالة الطفل يصعب معها نقله إلى أى مكان خارج الحضانة. لن أستطيع الاسترسال فى هذا السيناريو الذى أعيش تفاصيله شبه يومى مع البسطاء الذين يلجأون إلينا لفض هذه الاشتباكات لضيق المساحة، ولكن الموضوع يغرى للكتابة عنه فى الأيام القادمة إن كان فى العمر بقية.