رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

 

بخيال جامح أقول لكم: لو كنت فى موقع صاحب القرار لأطلقت اسم الروائى العظيم نجيب محفوظ على العاصمة الإدارية الجديدة، فهو جدير بذلك، وهى مشروع عظيم يناسب مثله.

لقد كان الرجل يستحق كل تقدير، ومازال، بما قدمه من إبداع فلسفى غير مسبوق، حقق لبلدى انتصارا خالدا فى سماء الأدب العالمي، عندما كان العربى الوحيد الذى حصل على جائزة نوبل فى الأدب.

وهو علامة فارقة على الحداثة والحضارة والأصالة، وهو المبشر دائما بمصر جديدة، متحضرة، تحترم المرأة، وترعى الفنون والثقافة، وتنبذ التطرف، وتنشد العدالة المجتمعية.

ومثل هذا التكريم المنتظر هو ما تفعله الدول المتقدمة مع مبدعيها ومفكريها فتُنصفهم وتُكرمهم فى حيواتهم وبعدها، لأنهم ببساطة هم الطاقة الحقيقية لاستنهاض الناس، وتحفيز عقولهم للتدبر والتفكر، وشحذ هممهم لتغيير السلوك، وترسيخ التحضر.

وأتصور أن إقامة جمهورية جديدة فى بلادى يستلزم غرس إشارات مرور لهذه الجمهورية، وليس لدينا أفضل من قمم الابداع والفكر وقامات العلم والمعرفة لننير بها دروب الأجيال القادمة.

لقد كان من المؤسف أن يدور فى الأسبوع الماضى لغط صاخب ـ بددته الحكومة مبكرا ـ حول وجود توجه ما لإزالة مقبرة طه حسين، عميد الأدب العربي، لعمل محور جديد، وهو ما دفع البعض إلى أن يطرح إمكانية نقل رفات طه حسين إلى فرنسا. ولاشك أن هذا كله يعكس شعورا سائدا لدى كثير من المثقفين بأن الحكومة لا تأبه كثيرا برموز الإبداع والفكر والثقافة، ولا تمنحهم التقدير المستحق. وحسنا فعلت الحكومة بنفيها القاطع ما تردد عن إزالة المقبرة، أو نقل رفات عميد الأدب العربى خارج مصر، لكن فى رأيى فإن الحُسن يمكن أن يكتمل أكثر بطرح برنامج قومى لرد اعتبار الكُتاب والأدباء العظام فى مصر.

فما يمنع أن تطلق الدولة اسم طه حسين على مدينة العلمين الجديدة، وأن يتم تسمية محطات المترو الجديدة بأسماء مبدعين عظام مثل أمل دنقل أو بيرم التونسى أو بديع خيرى أو عبد الرحمن بدوى أو غيرهم؟

ما يمنع أن نُعيد حرث تاريخ الثقافة المصرية العظيم لنستدعى القيم الفكرية العظيمة ونُخلدها وندفع الناس لاستلهام أفكارها والتعلم منها؟

إن مبدعى مصر ومفكريها ومثقفيها يمثلون ثروة عظيمة لا يجب إهدارها بتلك النظرة الساذجة التى لا تُقيم حسابا للكلمات فى مستقبل البلد والناس والحياة، وتعتبر الثقافة ترفا أو أمرا ثانويا فى ظل مشكلات الاقتصاد وتقلبات السياسة.

أتصور أن الأمر غير مكلف، وغير صعب، وغير مُثير للبلبلة لو قامت الحكومة بتشكيل لجنة مستقلة، لتكريم رموز مصر الثقافية، واستغلال ثورة المشروعات الكبرى فى تخليدهم.

يقول صديقنا الأبدى نجيب محفوظ فى إحدى رواياته «ثمة موت يُدركك وأنت حي»، وفى الحقيقة فإن هناك حيوات تدرك أصحابها بعض موتهم، وتمتد إلى ما لا نهاية، بفضل ما قدموا وأبدعوا وفكروا وسعوا إلى نفع أوطانهم وأهليهم، فاستحقوا الخلود فى وجدان الإنسانية. ونجيب محفوظ واحد من هؤلاء، وهناك آخرون غيره يستحقون أحسن التكريم وأسمى التقدير.

والله أعلم.

 

[email protected]