رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صفحات من تاريخ الوطن (٢٦)

واستمر فى حديثى... 

فى مقالى السابق تناولت بعض الأكاذيب التى يروج لها العثمانيون الجدد واشياعهم، حول استيلاء العثمانيون على مصر.

وقد توقفت عند وصف هذا الاستيلاء، وهل هو فتح أم غزو، وبينت بالأدلة اللغوية والتاريخية انه غزو، ولا يمكن ان يكون فتحًا بأى حال من الأحوال، وذلك لأن لفظ الفتح يطلق على دخول البلاد غير الإسلامية، لنشر الدين الحنيف، بينما كانت مصر دولة إسلامية مزدهرة.

كما أوضحت أيضاً الأسباب الحقيقية للغزو العثمانى المصرى، وكيف كان الهدف من ذلك تزعم العالم الإسلامى وإخضاع الأراضى المملوكية للنفوذ العثمانى، للسيطرة على دور الوسيط التجارى الذى كانت تلعبه دولة المماليك فى هذا العصر، وتسيد تجارة المحيط الهندى ذات الارباح الوفيرة، وليس التصدى للبرتغاليين كما يزعم البعض، والدليل فشل العثمانيين فى القضاء على الوجود البرتغالى فى الخليج العربى وشرقى أفريقيا.

وفى هذا المقال سوف نستعرض سوياً بقية هذه الأكاذيب، ونوضح همجية وإرهاب العثمانيين مع المصريين، وأثر هذا الغزو المخرب على أوضاع مصر المختلفة.

ولنبدأ عزيزى القارئ الرحلة مجدداً..

ترك لنا ابن إياس الحنفى فى كتابه «بدائع الزهور فى وقائع الدهور»، شهادة حية ومعاصرة عن جرائم وانتهاكات العثمانيين فى حق المصريين، وسوف أترك بين يدى القارئ العزيز، مقتطفات من الجزء الخامس، طبعة دار الكتب المصرية عام 2009، التى تدلل على همجية الغزاة وبربرية أفعالهم. «وصارت الزعر والغلمان ينهبون البيوت فى حجة «صحبة» العثمانيين، فانطلق فى أهل مصر جمرة نار، ثم دخلوا جماعة من العثمانية إلى الطواحين وأخذوا ما فيها من البغال والأكاديش، وأخذوا عدة جمال من جمال السقايين، وصارت العثمانية تنهب ما يلوح لهم من القماش وغير ذلك، وصاروا يخطفون جماعة من الصبيان المرد والعبيد السود، واستمر النهب عمالاً فى ذلك اليوم إلى بعد المغرب، ثم توجهوا إلى شون القمح التى بمصر وبولاق فنهبوا ما فيها من الغلال، وهذه الحادثة التى قد وقعت لم تمر لأحد من الناس على بال، وكان ذلك مما سبقت به الأقدار فى الأزل، وقد قال الشيخ بدر الدين الزيتونى فى هذه الواقعة:

نبكى على مصر وسكانها 

قد خربت أركانها العامرة

وأصبحت بالذل مقهورة 

من بعد ما كانت هى القاهرة.

وصاروا العثمانية ينهبون بيوت الناس حتى بيوت الأرباع فى حجة أنهم يفتشون على المماليك الشراكسة، فاستمر النهب والهجم عمالًا ثلاثة أيام متوالية، ثم إن طائفة من العثمانية توجهوا من على مصر العتيقة، وطلعوا على القرافة الكبيرة، وملكوا من باب القرافة إلى مشهد السيدة نفيسة رضى الله عنها، فدخلوا إلى ضريحها وداسوا على قبرها، وأخذوا قناديلها الفضة والشمع الذى كان عندها، وبسط الزاوية وقتلوا فى مقامها جماعة من المماليك الشراكسة وغير ذلك من الناس الذين كانوا احتموا بها.

ثم إن العثمانية طفشت فى العوام والغلمان من الزعر وغير ذلك، ولعبوا فيهم بالسيف، وراح الصالح والطالح، فصارت جثثهم مرمية على الطرقات من باب زويلة إلى الرملة ومن الرملة إلى الصليبة إلى قناطر السبع إلى الناصرية إلى مصر العتيقة، فكان مقدار من قتل فى هذه الواقعة من بولاق إلى الجزيرة الوسطى إلى الناصرية إلى الصليبة فوق العشرة آلاف إنسان فى مدة الأربعة أيام، ولولا لطف الله تعالى لكان لعب السيف فى أهل مصر قاطبة.

«ولم تقس أهل مصر شدة مثل هذه قط، فقد وقع مثل ذلك فى بغداد فى فتنة هولاكو ملك التتار لما زحف على بغداد وأخربها وأحرق بيوتها، وقتل الخليفة المستعصم بالله وقتل أهلها، واستمرت من بعد ذلك خراب إلى الآن، فوقع لأهل مصر ما يقرب من ذلك، وما زالت الأيام تبدى العجائب».

عزيزى القارئ...

هذه بعض من مقتطفات قليلة لجرائم العثمانيين، والتى يسعى البعض لتبريرها، تارة بظروف العصر، وتارة بالتشكيك فى دقة ابن إياس، أما عن ظروف العصر، فنعم كان العصر سمته القسوة والعنف، ولكن هناك فرقاً بين عنف العصر، والمجازر والقتل الجماعى والنهب المنظم، وطمس معالم الحضارة، فهذه البشاعة لا تليق بجيش مسلم يدخل إلى دار الحرب، فما بالنا بدار الإسلام وأهلها.

أما عن دقة ابن اياس، فالرجل اجتهد ان ينقل كل ما عاشه هو والمصريون من أهوال ومظالم، ولو قلنا انه لم يدقق فى بعض الأحداث أو بالغ فى البعض الآخر، فبالتأكيد كل هذا لا ينفى الاطار العام، والذى يظهر مدى وحشية العثمانيين، وجرائمهم فى حق المصريين.

وللحديث بقية.

عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب

الأحزاب والسياسيين عن حزب التجمع