رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيظل التاريخ فى حيرة من أمر جورباتشوف.. ففى أوائل الخمسينيات من القرن الماضى «كان جورباتشوف، مثل أى شخص آخر فى ذلك الوقت، ستالينياً». على عكس معظم الطلاب السوفييت الآخرين، لم ينظر جورباتشوف إلى الماركسية ببساطة على أنها «مجموعة من البديهيات التى يجب الالتزام بها فى الذاكرة».  وبعد وفاة ستالين لم تعد أيديولوجية جورباتشوف إلى العقيدة مرة أخرى، لكن ظل «مؤمناً حقيقياً» بالنظام السوفيتي؛ بل إنه فى المؤتمر السابع والعشرين للحزب عام 1986، كان ينظر إلى جورباتشوف على أنه ماركسى لينينى أرثوذكسى.

بحلول منتصف الثمانينيات، عندما تولى جورباتشوف السلطة، كان العديد من المحللين يجادلون بأن الاتحاد السوفيتى كان يتراجع إلى وضع دولة من العالم الثالث. فى هذا السياق، جادل جورباتشوف بأن على الحزب الشيوعى التكيف والانخراط فى التفكير الإبداعى مثلما فسر لينين بشكل خلاق كتابات كارل ماركس وفريدريك إنجلز وتكييفها مع الوضع فى روسيا فى أوائل القرن العشرين. فكان يعتقد أن الخطاب حول الثورة العالمية والإطاحة بالبرجوازية، والتى كانت جزءاً لا يتجزأ من السياسة اللينينية، أصبحت خطيرة للغاية فى عصر يمكن أن تقضى فيه الحرب النووية على الإنسانية.

بدأ جورباتشوف يبتعد عن الاعتقاد الماركسى اللينينى فى الصراع الطبقى باعتباره محرك التغيير السياسى، وبدلاً من ذلك ينظر إلى السياسة على أنها وسيلة لتنسيق مصالح جميع الطبقات. والتغييرات التى اقترحها جورباتشوف تم التعبير عنها بالكامل ضمن شروط الأيديولوجية الماركسية اللينينية.

أراد جورباتشوف تفكيك المجتمع العسكرى الهرمى فى الداخل، والتخلى عن الإمبريالية الكبيرة والمكلفة فى الخارج. الغريب فى ذلك الوقت أن جورباتشوف فشل فى تقدير سبب رغبة دول البلطيق فى الاستقلال، لأن فى جوهره كان ولا يزال إمبريالياً روسياً.

 تشكلت النظرة السياسية لجورباتشوف خلال السنوات الـ23 التى خدم فيها كمسئول حزبى فى ستافروبول. معظم حياته السياسية قبل أن يصبح أميناً عاماً، تعكس وجهات نظره المعلنة علناً بشكل شبه مؤكد. مثل العديد من الروس، اعتقد جورباتشوف أحياناً أن الاتحاد السوفييتى مرادف إلى حد كبير لروسيا وفى خطابات مختلفة وصفه بأنه «روسيا».

كانت البيريسترويكا «مفهوماً بعيد المنال» أنه الإصلاح الجذرى للنظام الاقتصادى والسياسى.

 بدأ جورباتشوف فى التفكير فى آليات السوق والتعاونيات، وإن كان قطاع الدولة لا يزال مهيمناً. وفى الحقيقة لو نجحت إصلاحات البيريسترويكا، لاستبدل الاتحاد السوفياتى الضوابط الشمولية بأخرى استبدادية أكثر اعتدالاً.

مع البيريسترويكا، أراد جورباتشوف تحسين النظام الماركسى اللينينى القائم لكنه انتهى فى النهاية بتدميره. ووضع حداً لاشتراكية الدولة فى الاتحاد السوفيتى ومهد الطريق للانتقال إلى الديمقراطية الليبرالية.

مع كل هذا ظل جورباتشوف اشتراكياً. وكرر جورباتشوف إيمانه بالاشتراكية، وأصر على أنها لا تستحق الاسم إلا إذا كانت ديمقراطية حقاً.

 كقائد سوفياتى، آمن جورباتشوف بالإصلاح التدريجى بدلاً من التحول الجذرى. وعلى مدار الثمانينيات، خضع فكره لـ«تطور جذري».  بل تحول جورباتشوف إلى ديمقراطى اشتراكى. وبعد ذلك حرر نفسه من الماركسية اللينينية. وبعد سقوط الاتحاد السوفياتى، لم يكن للحزب الشيوعى للاتحاد الروسى المشكل حديثاً أى علاقة به.

الطريف أنه فى عام 2006، أعرب عن إيمانه المستمر بأفكار لينين؛ وادعى أن «جوهر لينين» هو الرغبة فى تطوير «النشاط الإبداعى الحى للجماهير».  وفى الواقع أن جورباتشوف يتطابق مع لينين على المستوى النفسى.

جورباتشوف ربما يكون أفضل متحدث فى المستويات العليا للحزب منذ ليون تروتسكى. كان «زعيماً كاريزمياً»، وهو أمر لم يكن بريجنيف وأندروبوف وتشرنينكو يعرفونه. لقد كان ساحراً قادراً على إغواء المشككين، ويحاول دائماً استمالتهم، أو على الأقل تخفيف حدة انتقاداتهم. أظهر «مهارة تكتيكية كبيرة» فى المناورة بنجاح بين الماركسيين اللينينيين المتشدد والليبراليين فى معظم وقته كقائد؛ كان أكثر مهارة فى السياسة التكتيكية قصيرة المدى أكثر من كونها استراتيجية وطويلة الأمد.

جورباتشوف روسى حتى النخاع، ووطنى بشكل مكثف كما يمكن أن يكون الأشخاص الذين يعيشون فى المناطق الحدودية فقط. لديه إحساس بأهمية الذات والاستقامة الذاتية. كان حساساً للنقد الشخصى. وغالباً ما كان الزملاء محبطين لأنه سيترك المهام غير مكتملة.. يميل إلى النظام فى حياته الشخصية. وهو قادر على التفجر من أجل التأثير المحسوب؛ ففى عام 1990 عندما كانت شعبيته المحلية تتضاءل، أصبح جورباتشوف «معتمداً نفسياً على كونه محبوباً فى الخارج»، وهى سمة انتُقد بسببها فى الاتحاد السوفياتى. وكانت إحدى نقاط ضعفه عدم القدرة على توقع عواقب أفعاله.