عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

يقول أحد الأدباء وهو يصف التاريخ بأنه المستقبل الذى تمتد جذوره من الماضى، والحقيقة أنه لا يجوز النظر إلى التاريخ على أنه الوقائع والأحداث التى وقعت فى الماضى فقط، فالمستقبل يصنع فى الماضى، والحاضر همزة الوصل بينهما.

ولعل ما سبق يفند مقولة أن قراءة التاريخ ودراسته لا تغنى ولا تسمن من جوع، ومقولة أن التاريخ تصنعه المصادفة واستشراف المستقبل انطلاقاً من دراسة ما وصل إلينا من تاريخ الأحداث يشبه عمل الأرصاد الجوية، فعندما يبدأ المرصد بحالة الطقس خلال أسبوع أو عدة أسابيع، يكون قد درس التقارير التى تراكمت حول طبيعة الطقس فى الأسابيع والشهور السابقة.

ومن هنا تأتى أهمية دراسة التاريخ بهدف استشراف المستقبل، وهى عملية تعتمد على أسس علمية، وليست من قبيل ضرب الودع أو قراءة الفنجان أو عمل السحر والشعوذة. إن استشراف المستقبل من خلال قراءة نتائج الحركة التاريخية عبر آلاف السنين هو فن وعلم يهدف إلى التعرف على ملامح حركة التاريخ فى المستقبل، والتعرف على الإمكانات والتحولات لتحقيق أهداف محددة سلفاً فى مجال العلوم الطبيعية حدثت طفرات لرسم تصور لطبيعة المستقبل البشرى خلال العقود القادمة، فقد خطط العلماء للزراعة بدون تربة وللزراعة العمودية فلن تعتمد هذه الأساليب على التربة، بل ستعتمد على المياه والمحاليل المعدنية المغذية، كما خطط العلماء لزراعة الرقائق التكنولوجية تحت الجلد، وفى نفس الوقت قفزت الدراسات الخاصة بالذكاء الاصطناعى والدراسات التى اهتمت بالتغييرات إلى ستطرأ على مناخ الكرة الأرضية 2050.

لقد فرضت هذه التحولات المهمة تحديات هائلة على علماء استشراف المستقبل وعلى المؤرخين، وطرحت أسئلة وتحديات مكثفة فى مواجهة البحث العلمى، لعل أهمها على الإطلاق: كيف ستكون طبيعة التاريخ وشكل الحركة التاريخية فى المستقبل؟ وهل هناك إمكانية للتحكم فى حركة التاريخ؟ وهل من الممكن حماية الدول من التآكل والانهيار؟

واللافت للنظر أن المؤرخين سيتحملون نصيباً كبيراً فى الإجابة على هذ التساؤلات وسيكون منوطاً بهم تحديد أهداف الدولة التى ينتمون لها ومعرفة طبيعة النظام العالمى، كيف ولد وإلى أين يتجه؟ وسيكون عليهم انتقاء الأفكار والمؤثرات التى تحدد وتضبط حركة المجتمع صعوداً إلى الأمام، وبهذا الصدد ستندثر الدول التى تعجز عن تحقيق التنسيق بين صانع القرارات والنخبة التى تدور فى فلكه، حيث يحتكر هؤلاء التخطيط للمستقبل وبين أهداف المجتمع التى بلورها العلماء والمؤرخون.

سيعكف العلماء على اختبار الاختراعات وسيقدم المؤرخون شرحاً وتحليلاً للواقع الحاضر بعد دراسة العوامل التى أثرت فى تشكيله، بالغوص فى أعماق التاريخ، والوعى بالتفاعلات التى تمت عبر الزمن لتحفز مجرى الحركة التاريخية وتحدد معالم السياق التاريخى بهذا الصدد، وسيتم تحديد الثابت والمتغير والعوامل المهمة والأهم والأقل تأثيراً فى صوغ المستقبل.