رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

تتسع الآمال يوما بعد آخر، بما تكشف عنه الجلسات التمهيدية للحوار الوطنى، بأنه سوف يأخذ البلاد إلى مرحلة جديدة، تتسم بقدر من" الرضا العام" بالسياسات التى تصنعها المؤسسات التشريعية والتنفيذية، وجهات صنع القرارات السيادية، للحد من المشاكل التى ساهمت فى زيادة السخط والتذمر الاجتماعى جراء تفاقم الأحوال المعيشية الصعبة والمعقدة. فتلك الزاوية هى مناط أى استقرار أمنى وسياسى، لأن من شأنها الوصول بنا إلى أعلى المكاسب من الخطة الاستراتيجية طويلة المدى 2030، التى بدأت قبل ستة أعوام، لتحقيق أهداف التنمية الشاملة فى كافة المجالات.

أدرج مجلس أمناء الحوار الوطنى، قضية الثقافة فى المحور الاجتماعى المزمع النقاش حوله. وقد تبدو قضية اللغة العربية المجنى عليها، التى أود إثارتها فى هذه الزواية، مدرجة فى هذا الإطار، لكنها أبعد مدى من ذلك، وأعمق بكثير مما قد يتصور أحد أنها قضية هامشية، أو خارجة عن سياق قضايا الحوار الوطنى. إنها قضية تمس بقاء الهوية المصرية، التى يجرى الحديث عنها ليل نهار، مع التجاهل التام، أن اللغة عنصر أساسى فى تشكيلها وبنائها. 

فى منتصف تسعينيات القرن الماضى، اتخذ الدكتور "أحمد الجويلى" وزير التموين أنذاك، قرارا وزاريا بإلزام المنشأت التجارية باستخدم اللغة العربية، ومنعها من إطلاق أسماء أجنبية، على المحال التجارية والشركات التى تنشئها، وإمهال الآخرين فترة لتعديل أسماء نشاطهم التجارى، إذا كان أجنبيا. لم يأخذ القرار فرصة حقيقية للتطبيق، إذ بعد صدوره بأشهر قليلة، تمت إقالة الوزير، لأسباب غير معلنة، اللهم إذا كانت شعبيته، ومحبة الجمهور له، هما السبب وراء عزله ! 

يستطيع كل من يحتك بأعداد من جيل الشباب الراهن، أن يكتشف بالملاحظة المباشرة مدى استهانته باللغة العربية، وتباهيه بجهله بها، فى مقابل التفاخر بإجادته للحديث باللغة الإنجليزية، التى بات من الشائع، أن جيل الأحفاد لم يعد يتكلم إلا بها. هذا فضلا عما تكشف عنه لغة الحديث اليومى بينهم، والتى باتت تنطوى على كم هائل من المصطلحات الغريبة وأحيانا البذيئة، وانتقلت من الشوارع، إلى منصات التواصل الاجتماعى، لتنعدم الفوارق فيها بين الحروف وبعضها البعض، وتستخدم الكلمات فى غير موضعها ومعانيها، وتفتقد لأى إحساس بالخجل للجهل بلغتهم الأم. وإذا كان ذلك شىء متوقع على تلك الوسائط، لاستخدامها العامية، فى الأغلب الأعم، فما كان له أن يحدث بين إعلاميين على المنصات التليفزيونية والصحفية ! 

من المفارقات المثيرة للدهشة، ولا أقول الحزن، أن الشركة الإمارتية لخدمات المحمول تسمى نفسها «اتصالات «بينما تطلق الشركة الوطنية فى مصر على نفسها اسم « «we». وتختار الشركة السعودية اسم "شاهد " لمنصتها المشفرة لعرض المسلسلات والأفلام والبرامج، فى الوقت التى تطلق المنصة المصرية المماثلة لها اسم «watch it».ونظرة خاطفة على أسماء المحال التجارية والشركات والإعلانات، سوف تبين دون جهد حجم الإهانة التى تتعرض لها اللغة العربية، والاستسهال المخيف للاغتراب عنها، ومفارقتها للذوق لمجرد امتلاكها للمال. 

لا تتسع هذه المساحة لمزيد من الأمثلة المؤلمة فى السياق نفسه، لكن كثيرين غيرى، يأملون أن يولى َ"ضياء رشوان" المنسق العام للحوار الوطنى، اهتماما بتلك القضية، وأن تكون محلا لنقاش جاد فى الحوار الوطنى، للخروج بتوصية ملزمة بشأنها للسلطات التنفيذية، تعيد إليها شموخها وتبجيلها، حتى تكف العربية عن نعى نفسها للشاعر حافظ إبراهيم قائلة : أيهجرنى قومى عفا الله عنهم، إلى لغة لم تتصل برواة..وسعت كتاب الله لفظا وغاية، فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة، وتنسيق أسماء لمخترعات، أنا البحر فى أحشائه الدر كامن، فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتى.