رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

 

 

 

السياسات الدولية وعلاقات الدول تحكمها المصالح والمنافع المتبادلة، ولذلك تتغير المواقف وخرائط التحالفات من وقت لآخر طبقًا لاستراتيجيات الدول، ووفق مفهوم المصالح الآنية، وعلى هذا النحو جاءت قمة جدة.

ربما تكون قمة جدة للأمن والتنمية قد وضعت العلاقات الأمريكية العربية، فى مسار جديد لأول مرة منذ عدة عقود، بعد أن ظهرت ملامح الندية فى كل فعاليات القمة شكلاً ومضمونًا، وظهرت فيها ملامح النضج السياسى العربى، وهو أمر يحسب للقادة العرب والدبلوماسية العربية التى أيقنت أن عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط، ليس من أجل عيون العرب، وإنما مصلحة الولايات المتحدة التى فرضتها الظروف الدولية الجديدة وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية التى تسببت فى ارتفاع خيالى لأسعار الطاقة، ولها تداعيات خطيرة على الاقتصاد الأمريكى والأوروبى، ربما تصل إلى حد الانهيار الاقتصادى وانفجار المظاهرات والاحتجاجات فى هذه الدول بسبب تأثر سلاسل الإنتاج والإمداد وارتفاع التضخم وزيادة الأسعار بشكل لا يتحمله المواطن، ولم تجد الولايات المتحدة بديلاً عن السعودية ودول الخليج لزيادة الإنتاج والسيطرة على أسعار الطاقة.

مؤكد أن الدول العربية تعى تمامًا أن الرئيس بايدن الذى سبق وهاجم الدول العربية، واتخذ مواقف سلبية تجاه كل ما يحدث من جماعة الحوثى وإيران من اعتداءات على المنشآت السعودية والإماراتية، قد عاد إلى المنطقة لأهداف محددة على رأسها مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.. وفى المقابل وضعت الدول العربية مصالحها على طاولة المفاوضات مثل التهديدات الإيرانية والقضية الفلسطينية وقضايا الإرهاب، والتدخلات الخارجية فى شئون الدول العربية مثل سوريا وليبيا واليمن وقضية سد النهضة وغيرها من قضايا الأمن القومى العربى التى يمكن للإدارة الأمريكية أن تلعب فيها دورًا هامًا، كما تميزت هذه القمة بوضوح الرؤية للقادة العرب حول سياسة الولايات المتحدة فى المنطقة، وضرورة مراجعة أخطاء الماضى فى إشارة واضحة وجلية لأخطاء السياسة الأمريكية فى حق الدول العربية بدءًا بالعراق وانتهاءً بجريمة الربيع العربى التى تسببت فى انهيار عدد من الدول العربية وقتل وتشريد الملايين من أبنائها، وما زالت بعض هذه الدول تعانى من الصراعات والانقسامات والفتن العرقية والطائفية، وتصارع من أجل البقاء وتحتاج إلى عشرات السنين لاستعادة مؤسساتها واستقرارها واقتصادها.

إذا كانت قمة جدة قد كشفت عن مراجعات أمريكية فى بعض الجوانب التى كانت تتخذها وسيلة للضغط والابتزاز مثل قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية وغيرها من أساليب الضغط لفرض قيمها وثقافتها على الدول العربية.. لكن يبقى نجاح هذه القمة فى إقامة علاقات استراتيجية تتمتع بالديمومة والاستمرارية، مرهونًا بحدوث تغيير حقيقى فى السياسة الأمريكية على أرض الواقع مع الدول العربى، وألا تختزل هذه القمة على هدف تأمين الطاقة للغرب وزيادة الإنتاج وغيرها من المصالح الغربية فقط، خاصة أن العالم مقبل على تحويلات كبرى نحو نظام عالمى جديد وبتوازنات جديدة وهذا باعتراف الرئيس الأمريكى بايدن الذى قال لن نترك المنطقة للهيمنة الروسية والصينية، وبالتالى ليس هناك بديل أمام الإدارة الأمريكية إلا تغيير سياستها بإقامة علاقات متوازنة على أساس المصالح المتبادلة والمشتركة لخدمة الطرفين.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد