رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر جامعة عين شمس

تهتم مراكز الفكر فى الدول المتقدمة بضـم المؤرخين إلى الوحدات الفاعلة فيها، كوحدة الدراسـات الشـرق أوسطية أو الدراسـات الإيرانية، أو وحدة الدراسات الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى.. إلخ، ولقد لمعت أسماء كثيرة من المؤرخين فى هذه المراكز، وقدموا كتابات مهمة أضاءت الطريق إلى صناع القرار، وإلى المؤسـسـات السـيادية المختلفة، كوزارة الخارجية الأمريكية أو الكونجرس أو المخابرات الأمريكية أو المخابرات البريطانية، ولقد بدأت أخيراً بعض الدول العربية تهتم بالمؤرخين وإنتاجهم العلمى.

لقد أدركت مراكز الفكر فى الدول المتقدمة الفرق بين الباحث فى التاريخ الذى يستخدم منهج البحث التاريخى، وبين الأدباء الذين يكتبون روايات وقصص تعتمد على الحكايات التاريخية، فالباحث الذى يبحث عن العلة بعد جهد شـاق يمكنه أن يخرج بقوانين تكاد تكون ثابتة ومتكررة، ويمكن تعميمها بعد مراعاة خصوصية كل دولة، فضلاً عن أنه يغوص فى (الزمن) ويصل إلى (الجذور ) وبالتالى يكشـف سـر تقدم الأمم، وانهيار الدول والإمبراطوريات، ولعل هذا ما يجعله الأفضل بين استاذه العلوم الإجتماعية والأنسانية فى استشراف المستقبل.

لقد استقر العلماء على تعريف علم المستقبليات بأنه العلم الذى يختص بدراسة الاحتمالات التى تشير الى (اللايقين) والهدف الرئيسى لهذا العلم أصبح وضع تصور مستقبلى لحركة تاريخ دولة من الدول، وربما لحركة تاريخ العالم لعدة عقود، باستخدام المنهج العلمى، وذلك بوضه سيناريو أو أكثر للمستقبل بما ذلك وضع سيناريوهات لمواجهة الأزمات الطارئة والثوى المضادة لحركة التاريخ.

ويترتب على نجاح استشراف المستقبل تحديد الإمكانيات والقدرات اللازمة للحفاظ على مسـار تاريخى مسـتقبلى صـاعد، كذلك تحديد الآليات والوسـائل اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة.

ولقد استقر رأى العلماء أيضاً على تعريف ( السناريو ) أو ( السيناريوهات المستقبلية ) بأنها فرع من فروع علم المستقبل يستهدف رصد الأحداث المحتمل وقوعها فى المستقبل القريب والبعيد، وكذلك رصـد وتحديد الأزمات والقوى المضادة، ووضع تصور مستقبلى بحركة التاريخ أو إن شئنا الدقة لحركة التاريخ المحتملة صعوداً أو تراجعاً وإمكانية مواجهة عوامل التراجع والنكوص.

 وبالجملة فإن سيناريوهات المستقبل تشتمل على رصـد مسـتقبلى مفصـل للمسار أو السياق الذى يجب أن تختاره وتسير فيه حركة التاريخ.

وبديهى أن وضع السيناريو أو السيناريوهات تم صياغته على يد فريق من العلماء متنوعى التخصصات، وفى مقدمتهم مؤرخون، وإن كان لابد من التنويه إلى أن النظرة الفلسفية للتاريخ سـتؤثر حتما على الدراسـات المستقبلية فرؤية باحث لحركة التاريخ على أنها تنطلق فى خط صاعد أو هابط فى حركة دائرية، ستفرض نفسها على رؤيته لحركة المستقبل.

ولمزيد من التوضيح فتصور باحث لدور الإنسان كصانع للعملية التاريخية على أنه دور سلبى لا قيمة له، سيؤدى ذلك إلى نفى السيناريو المستقبلى تماماً وانتظار المستقبل كما سيقع دون تدخل الإنسان، بينما لو انطلق باحث آخر من أن الإنسـان صـانع التاريخ وله دور إيجابى ومؤثر فى صناعة التاريخ وصـوغ المستقبل، فسيكون الوضـع مختلفاً تماماً. حيث سـيسـاعد هذا الموقف على التخطيط ووضع الأهداف والعمل على إدارة المستقبل، ووضع تصور تاريخى مثالى وتنمية مستدامة وحياة ملائمة.

على كـل حـال، يكاد ينعقد الإجماع على دور التاريخ فى صـيـاغـة سيناريوهات المستقبل. ويقول النفكر الفرنسـى فولتير: ( التاريخ هو روضـة الأمم وكل أمة تحصد ما غرسته فى هذه الروضة لبناء مستقبلها، أى أن حصـاد الآمال المستقبلية وثيق الصلة بالبذور التى نثرت فى روضة التاريخ ).