رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

كشفت جريمة ذبح نيرة على بوابة جامعة المنصورة النقاب عن التدهور الذى أصاب الثقافة المصرية، فبعد الحديث الشهير للشيخ مبروك عطية، والذى كاد يقدم مبررات لقتل نيرة وقتل أى أنثى غير محجبة، وبلا شك أن حديث الداعية المذكور صاحب الجماهيرية الكبيرة جعل العديد من آحاد الناس يتبنى نفس الموقف ونفس الرؤية، وراح البعض يتهم الضحية بأنها هى التى حرضت القاتل على قتلها لأنها متبرجة ولا ترتدى الحجاب، ثم تساءل البعض كيف ستلقى الله وهى بهذه الصورة؟ وغيرها من المنشورات التى تعبر عن حالة شديدة من التدهور والانحطاط باتت تسيطر على العقل الجمعى المصرى الذى أصابته جرثومة التطرف والداعشية!

وقد ازداد الموقف تأزمًا واشتعالًا بعد تلك التصريحات الجسورة التى أدلى بها الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر خلال برنامج تليفزيونى يوم الأحد الماضى، حيث قال بأنه«لا يوجد نص صريح يؤكد فرضية الحجاب»، وجدير بالذكر أن الدكتور الهلالى هو امتداد لهذا الفصيل التنويرى الأزهرى، والذى يضم أسماء مثل الشيخ محمد عبده، الشيخ على عبدالرازق، والشيخ مصطفى عبدالرازق.

وجدير بالذكر أن الرأى الذى أدلى به الهلالى ليس مبتدعًا أو يُمثل خروجًا على تقاليد الأزهر، إذ إن الشيخ محمد عبده قد قال بهذا الرأى، ونقرأ فى الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده تحت عنوان: «حجاب النساء من الجهة الدينية»: «لو أن فى الشريعة الإسلامية نصوصًا تقضى بالحجاب على ما هو معروف الآن عند بعض المسلمين لوجب عليَّ اجتناب البحث فيه، ولما كتبت حرفًا يخالف تلك النصوص مهما كانت مضرة فى ظاهر الأمر، لأن الأوامر الإلهية يجب الإذعان لها بدون بحث ولا مناقشة. لكننا لا نجد فى الشريعة نصًا يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة، وإنما هى عادة عُرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التى تمكنت فى الناس باسم الدين والدين منها براء...».

ورغم هذا الرأى الواضح للإمام محمد عبده والذى قال به فى بدايات القرن العشرين، فمن غريب الأمر أن رد الفعل ضد رأى الدكتور الهلالى كان عنيفًا جداً، واتخذ موقفًا عدائيًا من الرجل وكأنه قد انتهك أحد التابوهات المقدسة، إذ قال د. عباس شومان المشرف على لجنة الفتوى بالأزهر عبر صفحته على الفاسبوك: «الحجاب فريضة محكمة كالصلاة، ولا ينكر فرضيته إلا جاهل ضال، فقد أجمع على فرضيته علماء المسلمين فى كل العصور، فكفوا عن إرضاء البشر على حساب دينكم»، وبالمثل أكدت دار الافتاء على حسابها الرسمى على تويتر أن الحجاب شعيرة من شعائر الإسلام فُرض على المرأة المسلمة التى بلغت سن التكليف. ولم يقف الأمر عند حدود مؤسسة الأزهر، بل قامت جحافل الكتائب الإلكترونية للإخوان والسلفيين بحملة شعواء ضد الهلالى ووصل التطاول إلى حد اتهامه فى عقيدته وفى إيمانه!

وهنا يحق لنا أن نسأل لمَ كل هذا الهوس بقضية الحجاب؟ ولماذا أصبحت القضية تبدو وكأنها أهم القضايا المصيرية التى باتت تشغل الرأى العام فى مصر، وكأن مستقبلنا وبقاءنا مرتهن بهذه القطعة من القماش التى تغطى بها الأنثى شعرها؟

الواقع أن الحجاب ليس مجرد قطعة قماش، بل هو رمز يدل على ثقافة، وهو فى رأينا جزء من استراتيجية متكاملة الهدف منها السيطرة على جسد وعقل المرأة تمهيدًا للسيطرة على جسد الدولة، ولهذه المسألة جذور تاريخية وسياسية سنعرض لها فى مقالنا القادم إن شاء الله.