عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

فى شبابنا -زمن الحب- كنا نعشق ونحب ونشعر باللوعة والصد والهجر والخيانة. كانت أم كلثوم تقطع قلوبنا وهى تطربنا وتعبر عن كل مسار عشقنا وتحولاته.. فى زمن الحب تعلمنا اشواقه ولياليه وبكاءه على نغمات صوتها. هذه الساحرة الخالدة علمتنا الحب وفنونه ولم تتركنا حتى هذه اللحظة. ومع كل تأثيراتها المذهلة تلك فإنها هذبت مشاعرنا وروضت انفعالاتنا فلم تدع لنا فرصة للتفكير فى انتقام بسبب الهجر أو الإعراض أو الرفض، فلم تتجه مشاعرنا أبدًا لذبح الحب أو نحر الحبيبة أو الانتقام منها أو الشعور تجاهها بالغل أو الكراهية، ما يجعلنا نخطط كى نذبحها علنا، أو نقتلها سرًا ونحرق جثتها ونخفيها عن العيون، ثم ناتمن -مثلًا- عامل المزرعة على جريمتنا ونعود لممارسة حياتنا العادية وكأن شيئا لم يكن!!

لم نفكر يوما فى إيذاء من نحب، بل جعلنا الحب ونحن فى خريف العمر نتعاطف مع حبيبة الأيام الخوالى، وكل حبيبة فى أى مكان وزمان.. وربما ذهبنا لوداعها ونثرنا ورودًا على ضريحها، بمذاق انسانى بحت. حتى اليوم مازلنا نعيش رومانسية اللحظات الفريدة التى نعتبرها -نحن العشاق والمحبين- اعظم وأنبل ذكرياتنا.. حتى أننا -فى زمن القتل- نهتز لتحولات العصر وجنونه، فحينما يحدث غدر العشاق، وتذبح طيور الجنة -أو الحب- على قارعة الطريق العام.. فإننا نهتز من داخلنا وتخفق قلوبنا خفقات حزينة ملتاعة.. ساعتها نفكر فى انسانية تلك الروح التى أزهقت، ونحاول أن نحيطها بالورود.. ونحول مكانها إلى مزار..نحاول الانتصار لإنسانية الإنسان ومشاعره.

هكذا دعوت فى اللحظات الأولى لوداع أميرة الدموع -كما أسميتها- فى المنصورة إلى أن يكون مكان اغتيالها مزارا يقصده الناس، وينثروا الورود فيه.. وهكذا أدعو الآن كل عشاق الحياة إلى أن ينتصروا لحق «شيماء» -الزوجة المغدورة التى تكشفت مؤخرًا أبعاد جريمة قتلها وتشويهها ودفنها فى حفرة داخل مزرعة زوجها- فى الحياة والعدالة.. فيحولوا مكان جريمة قتلها فى مزرعة زوجها القاضى إلى مزار هو الآخر.

حديث الناس عن القصاص والعدالة مهم جدًا، ولكن الملاحظ على هامش جريمة المنصورة، هو أن القتل كان مذاعًا على الهواء صوتا وصورة! هذا أمر مختلف فى تقديرى عن عملية مقتل شيماء زوجة القاضى، والتى اكتشفت فجأة بعد حدوثها بأيام، ومازال المتهم حرًا طليقًا. هذه جريمة ارتكبت سرًا ويمكن للمنادين بحقوق المتهمين أن يقولوا ما يشاءون، عن ظروف الجريمة وملابساتها وحقوق المتهم وثغرات القانون والمحامين التماسًا لحق القاتل فى الحياة، اما الجريمة المذاعة على الهواء، فالأمر يختلف ولا يجوز فجأة ان ننسى الدماء المراقة أمامنا، ونستذكر فقط حقوق القاتل،على قاعدة «الحى أبقى من الميت» متذرعين بأن هذا «الحى» كان متفوقا مثلًا الخ الصفات والمناقب التى يبحثون عنها عمدًا ليتعاطفوا.. لعله أمر يشبه فتوى شيخ بإباحة قتل داعرة!

حينما تطالبون بالعدل انظروا للصورة الكلية، فلا يفوتكم أن هناك جريمة ارتكبت علنًا- دون أن يعبأ القاتل بأدلة تدينه.. تسجنه أو تقتله.. تقتص منه أو تخفف عقوبته -وأخرى ارتكبت سرًا لا يعلم أحد كنهها أو ظروفها أو ما وراءها أو ملابساتها، وطرفاها زوج وزوجة وليس معشوقة ترفض شابا لا تبادله المشاعر!