رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

استيقظ الشعب المصرى صباح يوم الاثنين الموافق 20 من يونيو على مشهد مروع أمام بوابة جامعة المنصورة، إذ فوجئ الطلاب والطالبات بشاب عشرينى ينقض بكل قسوة وقوة على فتاة جميلة ويُسدد لها عدة طعنات، ثم يقوم بذبحها بطريقة داعشية مرعبة فى وسط ذهول واندهاش الجميع ! ثم نعرف بعد ذلك أن الشاب ويدعى محمد عادل قد أحب الضحية حبًا جنونياً، وعبر لها عن حبه لها ورغبته فى الارتباط بها، لكنها رفضته، فطاردها بكل السبل ولم يُفلح فى الظفر بحبها أو حتى جذب انتباهها، ومع تكرار الرفض والصد تحول الحب إلى بغض وإلى رغبة مدمرة، وعندما فشل فى أن يمتلكها حية قرر فى لحظة جنون أن يمتلكها جثة هامدة! ومن العبارات الغريبة التى جاءت على لسان القاتل قوله: أنه بعد أن قتلها ونحر عنقها تمنى الاحتفاظ برأسها لشدة حبه لوجهها وعينيها !!

إن القراءة السطحية لهذه الجريمة المأساوية تقول بأن شابًا فقيرًا أحب فتاة حبًا جنونياً، فرفضته وأنكرته، فقرر الثأر لكرامته بأن قتلها، ولكن الأمر من وجهة نظرى أعمق من هذا الاختزال المريح. إننى أعتقد أن الحب هو فى مقدمة القيم والمشاعر الإنسانية التى تعكس بصورة صادقة طبيعة الثقافة التى نحيا فى ظلها، ولذلك فلتسمح لى عزيزى القارئ أن أصف هذا الحب بأنه الحب فى زمن المهرجانات وشيوخ الفضائيات. إن هذا الجيل الذى تشرب ثقافة البلطجة من أفلام «نمبر ون» ومن أغانى حمو بيكا وشاكوس وأوكا وأورتيجا وشواحة وعمرو حاحا ويوسف سوستة وكزبرة وحنجرة ومجدى شطة... الخ.

هذا الجيل الذى تربى على فيديوهات حسان والحوينى وعبدالله رشدى والمبروك... وغيرهم من أئمة ونجوم السلفية الكبار والصغار...        هذا الجيل ينظر إلى المرأة على أنها عورة وفتنة وأنها سبية وأمة (جارية)، وأنها ناقصة عقل ودين، وإنها مواطن من الدرجة الثانية، وإنها ملكية خاصة للرجل مثل سائر الأشياء والدواب... الخ.

إن هذا الجيل قد رضع من ثدى مُسمم امتزجت فيه ثقافة المهرجانات والتفاهات بثقافة التكفير وازدراء النساء. لذلك أرى أن الجريمة ليست جنائية فحسب، لكنها أيضًا ثقافية، وهى جريمة لا تقع مسئوليتها على محمد عادل القاتل وحده، ولكن على مجمل مفردات هذه الثقافة، ودليلى على ما أقول أن رواد التواصل الاجتماعى قد بدلوا صورة نيرة الشهيدة ووضعوا حجابًا فوق رأسها وألبسوها إسدالاً، وبذلك فقد اختزلوا مأساة الضحية فى قطعة قماش تستر بها ما ظهر من جسمها لأنها فى نظرهم عورة وفتنة للناظرين، وهى بالتأكيد محاولة خبيثة من قبل الذهنية الداعشية التى استوطنت بالعقل الجمعى المصرى من أجل تبرير الجريمة وقتل الضحية مرة ثانية باعتبارها المحرضة على الفحشاء، وبوصفها الجانية الحقيقية، ومن ثم يصبح القاتل هو الضحية أو المجنى عليه. وقد أكد على ذلك الشيخ مبروك عطية الذى قام بنشر فيديو يتضمن إدانة مباشرة لنيرة، وتبريرا وتبرئة للقاتل، وتحقيرا وترويعا لكل أنثى غير محجبة !

أيها السادة لا تحاكموا محمد عادل فقط، بل حاكموا القائمين على وزارة الثقافة الذين صمتوا على هذا الابتذال الفنى والثقافى، ولم يقدموا لنا بديلًا أو جديدًا طهروا الفضاء العام من فتاوى وكوارث شيوخ الضلالة ومن وصاية حراس الفضيلة وسدنة محاكم التفتيش فى الضمائر والعقول.

علموا الأجيال الجديدة أن الحب هو أسمى عاطفة فى الوجود. علموهم أن الحب اختيار وحرية وليس قهرًا وعبودية. علموهم أن الأنثى هى مصباح الكون، وسر الحياة، وأنها لم تكن أبدًا مصدرًا للشر والغواية، بل كانت وستظل دومًا رمزًا للخصوبة والعطاء، رمزًا للخير والخلود والبقاء.