فى رحلة الحياة، نلتقى العديد من أصناف البشر، منهم من يمر بنا ولا يترك أثراً، ويختفى من الذاكرة، لأنه لا يترك بصمة فى حياتنا. ومنهم صنف آخر يشبه الجواهر الأصيلة، كلما زادت صحبتنا له، ازداد لمعاناً وتوهجاً فى أعيننا، لأنه نوع أصيل، يزداد الشعور بقيمته مع مرور الأيام.
من هذا الصنف الأخير، الزميل الأستاذ يسرى شبانة مدير تحرير جريدة «الوفد» الذى فاجأنا رحيله إلى جوار ربه، فهو من النوع الذى يتغلغل داخل النفس، يبعث الجلوس معه السعادة والطمأنينة والراحة، وكأنه يمد روحك بوقود الحياة، فتزداد تألقاً، يمنحك من خبراته الصحفية وتجاربه فى الحياة دون أن يمارس الأستاذية عليك.
يسرى شبانة من البشر الذين تسعد بوجودك معهم، وكان من حسن حظى أننى تعاونت معه عندما كنت أراجع أخبار الحوادث فى «الديسك المركزى» فى فترة رئيس التحرير الأسبق الأستاذ سعيد عبدالخالق رحمه الله. وكنت أفضل الانتقال إلى قسم الحوادث لاستلام أخبار القسم من الأستاذ يسرى شبانة لمراجعتها فى مكتبه، حتى أنعم بقضاء وقت طيب معه، وقد كان تعامله الراقى يبعث روحاً جميلة بين أعضاء قسم الحوادث، فلم يشعر واحد منهم بأنه رئيس للقسم، وإنما يسرى شعور جميل بينهم بأنه أخ وصديق لهم، ولذلك أحبه الجميع وتفانوا فى أداء عملهم، وتسابقوا فى تقديم أفضل ما لديهم.
يسرى شبانة موجود بيننا ولم يرحل، لأن من يعيشون فى الوجدان لا يرحلون، إنهم يتغلغلون فى نفوسنا، ولا يفارقوننا. تغادرنا الأجساد، وتبقى الأرواح حية بيننا، تؤازرنا وتمنحنا القوة فى مواجهة الحياة.
أقول لزميلتنا نعمة عزالدين مديرة تحرير «الوفد»: إن رفيق مسيرة حياتك باقٍ بيننا، ولن يفارقنا قط، غفر الله له وأسكنه الفردوس الأعلى.