رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين


 

البعض يطرح فى مقابل مقولة الإسلام هو الحل مقولة العلمانية هى الحل، تُرى هل يمكن أن تكون العلمانية حلاً؟
الحق إننى لا أستطيع أن أضع شعار «العلمانية هى الحل» فى مقابل الشعار الذى يرفعه أنصار الإسلام السياسي: «الإسلام هو الحل» الشعار الأخير للإسلام السياسى هو فى اعتقادى مجرد صيغة سحرية، عودة للتفكير السحرى الذى يجعل الكلمة مساوية للشيء وللفعل، ولذلك فشل الإخوان فى السودان وانتهى الأمر بافقارها وتقسيمها وترسيخ بنى التخلف بها. ولم يختلف مصير الإخوان فى تونس عنه فى السودان إذ تفاقمت الأزمة الاقتصادية وتراجعت السياحة وازدادت العمليات الإرهابية ولم يقدم حزب النهضة للحياة السياسية فى تونس سوى الدمار والتخريب والانقسام، ولولا التراث العلمانى لبورقيبة لانهارت تونس واختفت من الوجود. أما فى مصر فقد نجح الإخوان فى الوصول إلى سدة الحكم بعد انتفاضة ٢٥ يناير ودانت لهم سيطرة شبه كاملة على مفاصل الدولة، ولكن يبدو أن الجماعة التى أدمنت العمل السرى كانت تحكم مصر بمنطق الجماعة المحظورة لذلك سعت إلى أخونة مؤسسات الدولة بدءًا من العمال وحتى الوزراء، وجرت عمليات تطهير سريع لكل العناصر التى لا تنتمى إلى جماعة الإخوان مما خلق حالة من الاستياء العام لدى الجماهير المتطلعة إلى فجر الحرية الجديد، ولذلك سرعان ما احتشد الملايين من المصريين خاصة النساء والشباب وامتلأت الشوارع والميادين بهؤلاء الرافضين لمرسى وجماعته، وكانت انتفاضة ٣٠ يونيه ٢٠١٣ إيذانًا بسقوط الإخوان وجماعات الإسلام السياسى. إذن شعار “الإسلام هو الحل“ شعار ديماجوجى يخاطب جماهير محرومة سياسياً، وذات مزاج دينى أصولى، ومندفعة بيأسها إلى البحث عن مخلص، وعن منقذ لها يأخذ بيدها إلى شاطئ الحرية وإلى بر الأمان.
أما شعار “العلمانية هو الحل“ فلن يكون سهلًا ومقبولًا فى واقع مازال يئن تحت وطأة ثقافة لاهوتية يُسير مقاديرها فتاوى رجال الدين من داخل المؤسسة الدينية الرسمية وخارجها!
نعم ربما تكون العلمانية هى الحل، ولكن فى ظل شروط ثقافية وسياسية وتعليمية مغايرة، فالمجتمع المصرى مازال حتى كتابة هذه السطور يتعامل مع العلمانية بوصفها اصطلاحًا مرادفًا للإلحاد. والفضل فى هذا يعود إلى وجود جهاز إعلامى منتهى الصلاحية، وإلى ارتفاع نسبة الأمية وفساد النظام التعليمى وانفراد الشيوخ بتشكيل عقل ووجدان الجماهير فى ظل غياب المؤسسات الثقافية والسياسية–حتى رجال السياسة فى بلادنا يخشون من استخدام كلمة العلمانية ويفضلون عليها الدولة المدنية. إن هؤلاء وغيرهم يجهلون أن العلمانية ليست دينًا بديلًا وليست كفرًا أو ضد الدين، إنها ببساطة محاولة للفصل بين مؤسسات التعليم وبين المؤسسة الدينية على المستوى المعرفى، وهى أيضًا محاولة للفصل بين المؤسسات السياسية للدولة وبين الدين على المستوى الأيديولوجى. ورغم أن الاهتمام ينصب لدى المثقفين على الدعوة إلى علمنة المؤسسات السياسية إلا أننى أعتقد أن علمنة التعليم يجب أن تتزامن مع العلمنة السياسية.
نحن مرة أخرى أمام عقبة كؤود تسمى بالأصولية الدينية المتغلغلة فى وجدان عدد لا يستهان به من أبناء الشعب المصرى، المسألة تحتاج إلى كفاح ونضال مريرين لأن زعزعة وخلخلة صخرة الأصولية الوهابية فى العالم العربى سيستغرق وقتًا طويلًا ونحن بحاجة إلى عشرات القيادات السياسية بقوة وجسارة ووزن “كمال أتاتورك“ و“الحبيب بورقيبة“ وبالمثل نحن بحاجة إلى مفكرين لديهم جرأة وقوة “فولتير“، “و دى هولباخ“، و“هلفشيوس“، “وجوك لوك“ وغيرهم من ممثلى حركة التنوير الأوروبية، ونحن بحاجة أيضًا إلى إحياء أفكار رواد التنوير فى العالم العربى “شبلى شميل وسلامة موسى وطه حسين وإسماعيل مظهر...“. الأسماء كثيرة والأفكار أيضًا كثيرة ولكن لا بد من توافر مناخ من الحرية ومن الديموقراطية... والديموقراطية بغير علمانية لا معنى لها لأنها ستتحول إلى غلبة الأكثرية فى مقابل قهر الأقلية.
بكلمة واحدة العلمانية بلا حرية هى مجرد شعار بلا مضمون.