رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صفحات من تاريخ الوطن (١٣)

كان مصطفى النحاس باشا نموذجاً فذاً بالنسبة للسياسيين المصريين فى الفترة ما بين 1919 و1952م ليس فقط لبساطته وتلقائيته التى جذبت إليه قلوب المصريين، وليس لنظافة يده وبساطة معيشته، وإنما لدفاعه الصلب عن حقوق الأمة المصرية وسيادتها الدستورية فى مواجهة تصلب واستبداد الملك فاروق ورغبته فى ممارسة الحكم المطلق المعتمد على نزعة دينية زائفة.

عمد الملك فاروق منذ توليه الحكم عام 1936 على أن يدعم نفوذه ليصبح هو مصدر السلطات وليس الشعب وأن تكون إرادة الشعب من إرادته حتى إنه صك المصطلح الشهير «الرضا السامى»، وتنبه حزب الوفد بقيادة النحاس الباشا إلى خطورة هذا الاتجاه الفاشى وتصدى لكل الخطوات التى اتخذها الملك فاروق فى هذا الاتجاه.

بدأت المواجهة الأولى عام 1937م عندما وصل الملك فاروق للسن القانونية لتولى الحكم وحينها أعلن رغبته فى إقامة حفلة دينية فى القلعة يقلده خلالها شيخ الأزهر سيف جده محمد على باشا، وذلك لإضفاء الشرعية الدينية على حكمه، وأعلن النحاس باشا أن ما يطلبه الملك فاروق يتنافى مع الدستور، وتراجع الملك عن مطلبه لكنه لم يستسلم لفشل حلمه فى الحكم الدينى، وسعى لإعادة إنتاج حلم أبيه القديم بإحياء مشروع الخلافة وأن يصبح هو خليفة المسلمين، وتولى الشيخ مصطفى المراغى شيخ الجامع الأزهر وحليف الملك فاروق مهمة الدعوة لتنصيب الملك فاروق خليفة للمسلمين، ودعا إلى عقد مؤتمر فى 2 أكتوبر 1937 بحضور ممثلين عن الدول الإسلامية لمناقشة الموضوع.

ووقف النحاس باشا بالمرصاد معلنًا ان مصالح مصر تقتضى الاهتمام بشئونها الداخلية وان إحياء الخلافة فكرة مخملية لا تتفق مع مصالح البلاد، وان الغرض منها فقط الحكم على اساس دينى يفقد ما للأمة من حقوق يضمها الدستور، وبجهود النحاس باشا ومن خلفه حزب الوفد فشل مخطط الملك وتم إجهاض إحياء مشروع الخلافة.

وكانت المحاولة الثالثة للملك فاروق لتأسيس حكمه على أسس دينية، وضرب ليبرالية حزب الوفد هى سعيه للتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين، واستخدم على ماهر باشا رئيس الديوان الملكى الإخوان فى الترويج للملك فاروق كملك متدين فأطلقوا عليه فى جرائدهم لقب «حامى المصحف»، وأنهم يبايعونه كجنود له على كتاب الله وسنة الرسول الكريم، ووصفوه بأنه محيى سنة الخلفاء الراشدين.

ولم تقتصر مهمة الإخوان مع الملك على الترويج لفكرته وصبغ حكمه بصبغة دينية، وإنما كانت مهمتهم الأساسية هى ضرب شرعية حزب الوفد والنحاس باشا فى الشارع، وهنا بدأ الإخوان يهاجمون ليبرالية الوفد ويسعون لتصويرها على أنها مناقضة للشرع الحنيف، وكثفوا هجومهم عبر جريدتهم على الوجود القبطى فى حزب الوفد واعتبروه دليلًا على خضوع الحزب للأقباط فى محاربة المشروع الإسلامى.

ووصلت ذروة استخدام الإخوان للدين فى مواجهة الوفد عقب حادث 4 فبراير 1942 عندما خرج الوفديون يدعمون النحاس باعتباره زعيم الأمة الذى يدافع عن مصالحها، وهتفوا «يحيا النحاس.. إن الشعب مع النحاس»، فانطلق الإخوان فى الشوارع فى مظاهرات حاشدة يهتفون «إن الله مع الملك»، وبعيدًا عن التزيد والخسة التى جعلتهم يتحدثون باسم الله، كان هذا الهتاف إشارة واضحة على ان الصراع فى حقيقته بين زعيم ليبرالى متدين أراد أن يحفظ للدين سموه وللشعب حقوقه، وبين ملك طاغية أراد أن يكرس حكمه المطلق ولو على حساب قدسية الدين.

 

عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن حزب التجمع.