رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين


نستكمل حديثنا اليوم مع أفكار قطب في المرحلة التي يحاول التنكر لها، رغم ما عكسته من نضج واكتمال في ظروفٍ طبيعية، مقارنة بأفكار الأزمة ، ونحن إذ نتحدث عن مراحل حياة قطب، تقفز إلى خاطرنا سيرة حياة الإمام محمد عبده الذي بدأ إصلاحياً قبل أن يتأثر بالأفغاني، فيتحول إلى ثائر ثم يعود في الأخير إلى المبتدأ، إصلاحياً يؤمن بالتربية والتزكية طريقاً للتغيير، وهو ما كنا نظن أن تنتهي به حياة قطب، لو لم تعترض حياته تلك التجربة الحركية للإخوان، الذين دخلوا من لحظة اختفاء حسن البنا مرحلة التيه الفكري والنفسي، وأدخلوا قطب معهم.
 وربما لو أدرك قطب مآل التجربة وتأملها بروح الناقد التي خاصمها، دون أن يقطع حياته مشهد الإعدام، ربما كان له شأن واجتهاد آخر، وهو ما يظهر في تلك كلماته، الجزء الأول يلفت فيه سيد قطب إلى أهمية الاعتزاز بتاريخنا القومي، خاصة الفرعوني ملمحا إلى معان ربما لم يهتد لها غيره  الذي يحاول تكريس روح مصرية قومية، في مواجهة دعاوى الأممية التي أغوته في مرحلة الإخوان، الروح المصرية الصميمة يجب أن تنبعث في دمائنا وتفكيرنا وتاريخنا، ليس في أمم العالم من تلوك ألسنتهم عبارات الفخر بالأجداد والمباهاة بالماضي، والتشدق بالمجد القديم كالمصريين، لاسيما بعد نهضة مصر الحديثة وشعور أبناء الجيل بحاجتهم إلى سندٍ من مجد التاريخ، لما يطلبون من مجد حديث، وليس في أمم العالم كذلك من هو منبت عن ماضيه منقطع الصلة الروحية عن قديمه، جاهلٍ بحقيقة تاريخه كالمصريين الذين لا تربطهم بماضيهم العظيم إلا معرفة غامضة ومعلومات ناقصة أو مشوهة.
هو يعتب هنا على طريقة تدريس التاريخ للمصريين بالرغم من شخوص الآثار، تصافح العقول والقلوب في كلّ بقعة من أرض مصر، فيقول وحيثما سار المصري الآن يجد مصر القديمة ماثلة في الآثار والتماثيل والكتابات الأثرية، وفي كثير من العادات والتقاليد والألفاظ، التي صانها الزمن من يد النسيان، ونقلها خلال هذه الأجيال، ومع هذا فلا يفتح قلبه ليسمع نداء هذه الأطياف السارية في مجاهل الأبد إنما يقف كالأبله أمام آثار أجداده التي تهتف أرواحها الحية به، وهو عن ندائها أصم إن الزمن الذي عامل مصر بسخاء عجيب، فحفظ لها آثارها وتاريخها ليجعل هذه المعجزة أمرا هينا، فعلى مرأى ومسمع تطل مصر الفراعنة وتهتف ما علينا إلا أن نلقي بالا إليها، فتتم المعجزة من أيسر طريق.
أراك عزيزى القارئ تتعجب كيف يزخر كلام سيد قطب بعبارات التمجيد والانتصار للقومية المصرية، وحث المصريين على الانتماء لوطنهم، وتعميق روابطهم بوطنهم على قاعدة الجذر الواحد في شجرة واحدة، مقارنة بما نضحته أفكار الرجل من تكفير وازدراء لهذا التاريخ، واعتباره أساطير الأولين وجاهلية ممتدة في عمق التاريخ، تستدعي البراءة منها وطمسها بالكلية في احيان أخرى، احتفى بها أرباب الإسلام الحركي المزيف.
بقي أن نقول إن الكلمات والتى كتبها قطب في مقال منشور في مجلة الشؤون الاجتماعية في مارس عام ١٩٤٢، ولا يقل أهمية عن مقال حمل عنوان "الوعظ الديني وظيفة اجتماعية قبل كلّ شيء"، وهو يتعرض لجانب يحتل بؤرة الاهتمام في عالمنا اليوم، وهو ما وصلت إليه خطب المساجد كمفردة من مفردات الخطاب الديني.
 يقول "لعل الإسلام أشد الأديان عناية بتكوين المجتمع الصالح، واهتماماً بوضع الأسس التشريعية لقيام العالم الفاضل، فلم يكن همه إعداد النفوس للآخرة وحدها، بل اهتم قبل ذلك بإعداد النفوس لهذه الحياة الدنيا". وللحديث بقية
[email protected]