رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

ــ ينبئ شهر رمضان العالم كله عن مصر.. يحدثهم عنها من قاعدتها إلى قمتها. يقينا لا يمتلك بلد فى الدنيا مثل هذا التأثير الخطير لهذه البقعة الساحرة ولا لشعبها الغريب! ننعته بالأمى.. نقول تعبان.. نقول ضعيف.. لكن كل ضعيف جبار.. والحقيقة أنه «ضعف شعب قوى جدا». خصوصية الروح المصرية تمنحه هذا الدفء الإنسانى. لا عجب إن كان يبدو كشهر للأحلام لكل من يقضيه خارج مصر.. وكيف لا وأنت تسأل هذه القبطية المحبة للكنيسة عن المكان الذى تريد ان تقضى فيه احتفالها بالعيد.. عيد القيامة المجيد.. بعد ان حضرت القداس، وتشبعت بمحبة الرب فى الكاتدرائية، ونالت كل البركات، فتجيبك بكل أريحية: أروح الحسين. لا تستغرب هذه السماحة والتسامح النفسى عند المصريين، رغم بعض الغلواء، الذين تمتلئ قلوبهم نارا وجحيما، فيغدرون بالقمص المسيحى أرسانيوس، وهو يمضى بسلام وسط الطريق! لروحك السلام يا أرسانيوس.

ــ لا شعب فى العالم يستطيع أن يعطى شهرا من روحه مثلما يفعل المصريون. روح الثقافة والفن والإبداع الموجودة فى هذا الشعب لا مثيل لها.. تراثه الفنى والانسانى الزاخر فى استقباله مازال بكل بكارته وطزاجته.. لم يتكرر، أغنياته، موسيقاه، مسحراتى رمضان.. نخطئ حين نقصر تصور حضورنا الانسانى فى الوجدان العالمى على أننا بلد ضعيف حزين متعب..فعظمة شعبنا تتجلى حتى فى أضعف حالاته. ضعف فى قمة القوة.

ــ رمضان بالمصرى يعنى أنك تستطيع أن تقضى وقتا خاصا على كل الضفاف.. تستطيع أن تملأ روحك بأنشطة ثقافية وفنية متنوعة فى حديقة السيدة زينب الثقافية التى كانت «تشغى» طيلة رمضان بألوان الابداع كافة: حضر الشعر والشعراء من كل فج عميق. امتلأت الحديقة هذا العام بالناس.. تمايلوا مع أنغام السيرة الهلالية.. والفنون الشعبية.. وغنوا مع فنان واعد كمحمد شريف.. واستمتعوا بعروض مسرحية.. وبمعارض للكتب والمشغولات اليدوية.. أداء مختلف رافق التغييرات التى أجراها هشام عطوة رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وواكب اختيار الشاعر المعجون بطمى وتراب ونيل هذا البلد، لتولى الادارة المركزية للشئون الثقافية.. وهكذا فاضت الحديقة والقصور الثقافية بـ«عطر أحباب» مسعود شومان.

ــ فى موقع آخر تكتشف أن المصريين يمنحون نكهات أخرى للاحتفال بالمناسبات الدينية والحضارية، فورشة الزيتون -ذلك المَعْلم الثقافى- احتفلت بعيد شم النسيم، وتناول روادها الفسيخ والرنجة فى افطار رمضانى، أعقبه مناقشة رواية ضحى عاصى «صباح ١٩ أغسطس». انتقل روادها من وليمة غذائية إلى وليمة أدبية، أبدعتها ضحى، وتبارى نقاد فى قراءتها نقديًا من سلوى بكر إلى محمد إبراهيم طه وفاطمة الصعيدي.

ــ وفى ملتقى ثقافى يقيمه كاتب هذه السطور، اختار أعمدة الملتقى ما يناسب الشهر الفضيل من روحانيات، فكانت محاضرة الادب والتصوف التى ألقاها باحث وأديب له فى أدبيات الكتابة الصوفية الادبية باع كبير، وهو الدكتور عمار على حسن، صاحب خبيئة العارف وشجرة العابد وجبل الطير، والتنشئة السياسية للطرق الصوفية فى مصر، وتجلت أهميتها فى كثافة حضور الشعراء والادباء والكتاب والنقاد المرموقين لهذه الأمسية الرمضانية الروحانية الخاصة.

ــ رمضان فى مصر حالة خاصة جدًا، تمسك بالوجدان الانسانى، فلا تفرق بين مسلم ومسيحى.. فى ربوع مصر كافة نجد هذا الشعب المنهك، يفيض بكل قوته، فيمنح رمضان خصوصية تخلب الألباب.