صفحات من تاريخ الوطن (١١)
يمثل الدكتور رفعت السعيد وهو السياسى والمناضل والمؤرخ والمفكر لى ولجيلى من السياسيين تجربة فريدة من نوعها، وذلك رغم رحيله عن عالمنا منذ خمس سنوات تقريبًا، وأعتقد أنها من الصعب بل من المستحيل أن تتكرر.
قدم رفعت السعيد تجربة ثرية ورؤية ملهمة فى مجالات السياسة والفكر، راعت فى كل تفاصيلها تحولات كل مرحلة سياسية مرت بها الدولة الوطنية المصرية ومهما كانت ظروف تلك المرحلة.
وتمكن رحمه الله من الجمع السلس بين عقلية السياسى الواقعية وضمير المؤرخ الحى وروح المناضل الثائرة ضد ما يسيء لوطنه ومبادئه الوطنية التى ناضل من أجلها ودفع مقابل إيمانه بها سنوات طويلة من عمره خلف القضبان وفى ساحات التعذيب. وبذلك قدم نموذجًا محترمًا للمعارض المستنير الذى يعارض من أجل مستقبل أفضل لمصر.
ولنبدأ الرحلة.
بالرغم من سجنه فى عهد الرئيس عبدالناصر وهو ما زال صغير السن، إلا أنه لم يحمل تجاهه أى ضغائن مؤمنًا أن ما حدث كان جزءًا من تحولات مرحلة معينة، ولذلك نجده فيما كتب عن الرئيس عبدالناصر يقدم رؤية متزنة لرجل عظيم الإنجازات مع عدم إغفال أخطائه.
كان السعيد خصمًا شرسًا لعهد الرئيس أنور السادات ولسياسته، متحملاً قسوة سجونه، وذلك لأنه رأى أن سياسة نظام الرئيس السادات تهدد مستقبل الوطن، سواء من خلال تحالفه مع المتأسلمين أو من خلال تشجيعه لسياسة الانفتاح الاقتصادى التى حطمت آمال الكثير من المصريين وخلخلت نسيجه الاجتماعى، بالإضافة لعقده سلامًا منفردًا مع إسرائيل ما أضعف الحق العربى.
أما فى عهد الرئيس مبارك فقد قدم السعيد نبرة مختلفة تجمع ما بين الحفاظ على مبادئه وميراث حزبه العريق، فرفض الكثير من سياسات حكوماته الاقتصادية والمبالغة فى التطبيع والتهادن مع الإخوان المسلمين، وفى الوقت نفسه حرص على الاستفادة من هامش الحرية المتاح آنذاك بأكبر قدر لخدمة قناعاته فاشترك فى المؤسسات السياسية الدستورية ومن داخل هذه المؤسسات تمكن من تمثيل تياره السياسى بشكل واعٍ داخل منظومة الدولة فدافع عن حقوق الفقراء وقضايا المواطنة وهاجم سياسة الخصخصة، وتحمل فى سبيل ذلك لوم بعض مناضلى صالونات المنازل واتهاماتهم له بالتراجع عن مبادئه والانحياز للسلطة.
وللحديث بقية
--
عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية
شباب الأحزاب والسياسيين عن حزب التجمع