رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

اختفى الرصيف من شوارعنا، احتله الباعة الجائلون منذ زمن بعيد، زحف العديد منهم  بالإشتراك مع فئات أخرى إلى نهر الشارع, وأصبحوا ملاكاً غير شرعيين لأرصفة وشوارع الميادين ، متسببين فى إعاقة حركة المرور، وسير المارة، وتعطيل عربات الإسعاف والنجدة والمطافى, مما يؤدى إلى نشوب العديد من المشاجرات التى غالباً  ما تنتهى بجرائم وكوراث  متنوعة.

إذا حاولت السير على أى رصيف من الأرصفة ، فلن تجد غير مطبات، وحفر، ومراتع للباعة الجائلين، وامتدادا للمقاهى والمحلات التى لا تكتفى بمساحتها بل تأخذ أضعاف تلك المساحة من  الرصيف ونهر الشارع.

ولكى تمشى فى أى شارع - سليما - لابد أن تقلد لاعب السيرك وتتوقع دائما خطأ الغير، تنظر فى الجهات الأربع، وربما تحلق فى السماء، لأن هناك توكتوك عن يمينك وما أدراك ما «التوك توك» يسير منفردا فى جميع أنحاء الشارع، مختبرا مهارتك فى العدو والركض والمراوغة والقدرة الفائقة على الإفلات من قدرك المحتوم، فإذا أعانك الله عليه، فلن تسلم من الضجيج الذى يصم الآذان بفضل مكبرات الصوت العملاقة القابعة فى أحضانه، حاملة معها مجموعة من الأصوات و ما يسمى- زورا وبهتانا - أغان تحكى حكايات المدمنين والخارجين عن القانون وقصص الخيانات، وترسم صورة خارجة عن النص لجيل الشباب، فاذا أبديت أى نوع من الاعتراض خرج لك من داخل «التوكتوك» طفل - بحكم السن - «بلطجى» بحكم الواقع، ليفتح عليك نيران جهنم , ويمطرك بوابل من الإهانات -قبل أن يخلصك منه أحد الأشخاص-.

وعن شمالك ستجد الرصيف مختفيا تماما تحت كمية هائلة من البضائع التى إما تتبع المحل الذى يقبع وراءها، أو بائعا جائلا احتله حتى إشعار آخر. ومن وراءك سيارات متنوعة، بلوحات  معدنية ,وبدون، تحثك على السير ملتزما بعشوائيتها، ولا يسلم الأمر من «حكة» أو «لطشة» أو كلام بذيء على أقل تقدير.

ومن أمامك جيوش جرارة من المارة على غير هدى، ما بين «متسكع» ومتفرج على لا شىء، فاذا حاولت الاستئذان بكل لطف وأدب لكى تسير بجانبه، أو تتخطاه انطلق فيك بوابل من الشتائم والسباب وأتهمك بأنك «فاضى» - وليس وراءك شيء تفعله فلماذا الاستعجال؟.

وعلى جانبى الشارع السادة أصحاب المحلات أخرجوا مكبرات الصوت الجهنمية بأصوات هى نفسها التى تصدر من «التكاتك»، ولا مانع من وقوف بعض العمال يرددون ما يسمعون أو ينادون على بضائعهم، فإذا أرادوا قسطا من راحة حناجرهم, أداروا تسجيلا يردد ما يقولونه, وقاموا برش الشارع بالمياه العذبة، بطريقة توحى بهطول الأمطار الغزيرة.

 هذه الظاهرة  التى لا مثيل لها فى دول العالم قاطبة، تعكس خللا ينبغى سرعة علاجه, فلا شك أن الحالة المتردية لأرصفة الشوارع فى مدننا تعطى عنوانا غير إيجابى عن أحوالنا وأحوال المواطن, ولا شك أيضا أن إصلاحها يتطلب معالجة متكاملة، وفى القلب منها مشاركة المواطن بشكل فعال ونهائى ، وما نحتاجه فى موضوع أرصفة الشوارع لا يختلف كثيرا عما نحتاجه فى كثير من المجالات الأخرى.

شوارعنا مرآة جلية لحالنا، تاه الرصيف فاختفت الأخلاق، وضاعت معالمها وتعثرت بوصلتها، وتزاحمنا لدرجة الالتصاق ,ولم يبق لنا إلا الذكريات التى كثيرا ما نعود  إليها شوقا وحنينا إلى الزمن الجميل.

أين حقوق المواطن فى الطريق، وكيف يحصل على الخدمة التى تتطلب دخول سيارة إسعاف أو إطفاء أو نجدة بعد أن تحولت شوارعنا إلى ساحات حرب,  أهملها المسؤولون, وعجز المواطنين عن السير فيها, واحتلها شياطين الإنس.

 

[email protected]