رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صفحات من تاريخ الوطن (٨)

لا نؤمن فى علم التاريخ بفكرة إعادة التاريخ لنفسه، فالأمس غير اليوم غير الغد، ولكن هذا لا يعنى وجود قطيعة تامة بينهم، فالمقدمات التاريخية المتشابهة قد تؤدى إلى نتائج متشابهة، ومن يتابع ظروف مصر خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى وظروفها، اليوم سوف يجد أن فى كليهما كانت تتصدى مصر لخطرين أساسيين هما الفساد والإرهاب، مع اختلاف واحد وهو أن مصر الآن يقودها نظام سياسى يجاهد بحق لاستئصال هذين المرضين من الجسد المصرى.

وللفن دور أساسى فى هذه الحرب المعلنة بين الدولة ومن خلفها المجتمع من طرف والفساد والإرهاب من طرف آخر، وهذا يتطلب منا أن نُلقى الضوء على تجربة المخرج الكبير إسماعيل عبدالحافظ، أحد أعظم رموز الفن المصرى خلال الثمانينيات والتسعينيات ودوره فى مواجهة الإرهاب لنأخذ منها العبرة من جانب ولتكون حافزا لتوظيف الفن فى مواجهة خطرين يهددان مصير الوطن.

فالمخرج الكبير إسماعيل عبدالحافظ (1941 – 2012) قد خصص جُل تجربته الفنية التى بلغت ذروة تألقها ونضجها خلال الثمانينيات والتسعينيات لمواجهة التوأم الملتصق المتمثل فى الفساد والإرهاب، والدليل على ذلك أنه رغم تنوع وتغير مؤلفي أعماله إلا أن دورها الدفاعى القائم على حماية المجتمع من هذين الخطيرين ظل قاسما مشتركا فى كل هذه الأعمال، كما أن من خصوصية هذه التجربة أنها كانت تليفزيونية ودرامية، وبالتالى فهى كانت موجهة للأسرة المصرية بشكلها العام بغض النظر عن كونها ريفية أو حضرية وبغض النظر عن مستواها المادى أو الطبقى، مما جعل تجربته اوسع انتشارا وأكثر نجاحًا بين أبناء جيله وحتى الأجيال اللاحقة لجيله.

ونلاحظ من خلال تجربة المخرج إسماعيل عبدالحافظ أنه كان دائما يبعث رسالة مفادها أن الإرهاب وليد الفساد غير الشرعى، وأن كليهما مظهر أساسى لغياب مشروع قومى يتمحور حوله المجتمع، فلم يذهب توفيق البدرى الصغير «علاء مرسي» إلى طريق الإرهاب، خلال أحدث مسلسل «ليالى الحلمية» تأليف أسامة أنور عكاشة، إلا بعد أن انتهى مشروع مصر الوحدوى النهضوى خلال الستينيات، وحل محله مشروع انفتاح السداح مداح فقد على البدرى «ممدوح عبدالعليم» البوصلة وأصبح «محمد متولي» خُمس النصاب واللص يسرق أموال الناس تحت شعار توظيف الأموال وفى ظل التمسح بالدين الكريم.

وكذلك فى مسلسل العائلة، تأليف وحيد حامد، لم يُصبح مصباح «طارق لطفي» إرهابياً، إلا بعد أن أصبح تاجر المخدرات رجل الانفتاح سمير الدكش «أحمد راتب» نجما من نجوم المجتمع ورجلاً من رجال أعمال السبعينيات، الذين افسدوا المجتمع، ففقد جزء من أبنائه البوصلة، واعتقدوا أن الجهل باسم الدين والقسوة باسم الحق هو العاصم لهم من تيه المجتمع وتخبطه.

وهذا ما تنبهت إليه الدولة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وتسعى لتحقيقه، وهو تقديم نموذج الدولة الحديثة المتقدمة، التى تلعب دورها الحيوى فى مجالها الاقليمى والدولى، وفى نفس الوقت تُحقق التنمية الداخلية، وتسعى للضرب بيدً من حديد على أيادى الفاسدين، وفى ظل هذا كله لا تغفل شر الإرهاب ولا مخاطره فتواجهه بشراسة وقوة.

ولعل هذا يثبت صحة رؤيتى أن الفن يكون دائمًا سباقاً بالتشخيص الصحيح للمرض المجتمعى، وطرح طرق العلاج له أحياناً، وليس علينا فقط إلا الاستماع إلا لصوته وأخذ رؤيته فى الاعتبار، آملين أن تكون تجربة المبدع الكبير الراحل إسماعيل عبدالحافظ نموذجًا مضيئًا أمام كل مبدع مصرى سواء فى جيلنا الحالى أو فى الأجيال المقبلة، لأهمية الفن فى تعرية مشكلات المجتمع والسعى لحلها، وختاماً رحم الله مبدعنا الكبير.

 

عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب

والسياسيين عن حزب التجمع