رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أعلم أيها المريد ان أعدى أعدائك هى نفسك التى بين جنبيك، فإذا فطنت وانتبهت بدء مسيرك الشاق إلى سبيل السالكين المحفوف بعقبات جسام تنجو منها أولا بفضل من الله ونعمة، وثانيًا لا يلقاها الا الذين صبروا بتهذيب روحك ونفسك بالتخلى طوعًا عن عظائم الكبائر وسفاسف الصغائر وبالتجرد الكامل لمشيئة القهار بالتوجه رأسًا إلى حظائر الجبار والتحلى رضًا بأدب الذل والافتقار والبذل كرمًا من عوائد الأبرار. فلا بدّ للوصول من اتّباع الأصول، ومن لم يتّبع الأصول لا يبلغ الوصول. ولا يكون وصول إلا بعد قبول، ولا يكون قبول إلا من خلال الدخول من حضرة الرسول الأعظم فالغاية من ترويض النَفْس أن تُسقى النَفْس من كأس التقوى وهذا يتطلب كما قال على الخواص:

لا تسلكن طريقًا لست تعرفها ** بلا دليل فتهوى فى مهاويها. فحظوة الخلوة نزعة روحية سامية يلجأ اليها العاقل الصادق، ويمارسها الراشد الواعى، ويتجنبها اللاهى الماجن، ولا يقدرها المستخف العابث لانها ومضات صدق ولحظات مكاشفة تكون فيها النفس على طبيعتها وسجيتها بدون مساحيق تجميل زائفة او أقنعة مخادعة كاذبة، فهى فرصة ليسمع الإنسان من نفسه، ويتحاور معها، ويسألها ويحاسبها، لمعرفة الحقيقة، والوقوف على أصل الأشياء فهى فرصة للمراجعة والتوبة، ووسيلة للكف والندم، إذ لا أصدق من التوبة التلقائية، فهى نهج الصالحين، وسلوك العارفين، ودرب الحكماء والعاملين، وهى سنة سيدنا الأمين، وفطرة الأنبياء والمرسلين. فاللهم صل على شجرة الكون، وأصل إمداد العون شريان وداد المحبّين ونور بصيرة العارفين، وخلايا وجود العاشقين طبّ القلوب ودواؤها، وعافية الأبدان وشفاؤها، ونور العيون وضياؤها، وحبيب الأرواح وغذاؤها السراج المنير النور البشير طه الطاهر المطهّر صاحب اللواء المعقود والحوض المورود.

فالتصوّف حالة ذات أبعاد نفسية واجتماعية ترتكز على المراقبة والتقوى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ»، فأمر سبحانه أن ينظر العبد ما قدم لغد، فكان درب العارفين طرق أبواب الطاعات كلها، فإذا وجدوا زحامًا شديدًا على كل الابواب طرقوا باب الذل والافتقار، فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه، ولا زحام او مشقة فيؤخذ بأيديهم ويدخلهم عليه، حيث قال المحاسبي «أوائل المراقبة علم القلب بقرب الرب» فمن عمل لله على المشاهدة فهو عارف، ومن عمل على مشاهدة الله إيّاه فهو مخلص.

لا شك ان هناك تشويها ممنهجا يتعرض له التصوف من قبل المستشرقين والإنتروبولوجيين لاسباب ليست خافية على اولى الألباب، ولكن جزءا حقيقيا يرجع إلى ممارسات وسلوكيات المنتسبين إليه زورًا جعل البعض ينفرون منه، فقد تم ربطه فى مخيلة الثقافة الشعبية «بشطحات ماتريكسية» لا تمت للتربية الروحية او تزكية النفس بأى صفة «فالاستقامة اعظم كرامة» فالصورة الذهنية للتصوف الشعبوى فلكورية تدعو للسخرية والبؤس، فكلما ذكر يتبادر لذهن العامة طقوس كاريكاتورية لا تمت لمرتبة الإحسان او حتى الدين الحنيف بأى صفة يكتنفها حالة من الشعوذة والبلاهة والبطالة والتنطع.

نحن نيام فى فراش الغفلة، فقد اقبلت علينا الآخرة بعدما أدبرت العاجلة، وأتى الذى تبلى فيه السرائر، فما زرع فى الأول سيحصد فى الآخر، فلننظر بما أسلفنا فى الأيام الخالية، ونقرأ ألواح أنفسنا تخبرنا عن غدنا وعن أمسنا.