رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بحسبة بسيطة، مجمل الزيادات فى سعر توريد القمح الفلاحى إلى الحكومة بلغ ١٦٠ جنيهاً فى موسم واحد (٩٥ جنيهاً قبل الأزمة الأوكرانية + ٦٥ جنيهاً بعد اندلاع الحرب).. وهل من مزيد.. معلوم البحر يحب الزيادة كما يقولون. 

الفلاح المصرى يستأهل كل الخير، وتداعيات الحرب الأوكرانية على واردات القمح ذكرتنا بالفلاح المصرى الأصيل، كم نحن مدينون لهذا المصرى المخلص، كم نحن مقصرون فى حقه، وحان وقت الإنصاف.

الفلاحون فى الحقول الخضراء من الشقاء المستدام، حفظوا المثل الشعبى الغارق فى طين الترع «الفِلاحة مناحة»، ويوماً لم يلتفتوا إلى أغنية طيب الذكر موسيقار الأجيال « محمد عبدالوهاب «ما أحلاها عيشة الفلاح متطمن قلبه مرتاح».

ما بين المثل والأغنية يأتى التوجيه الرئاسى الرشيد بمساندة الفلاح فى أزمته، ومطالبته بحافز توريد إضافى لسعر أردب القمح المحلي، بهدف تشجيع المزارعين على توريد أكبر كمية ممكنة.

المكافأة الرئاسية تترجم تقدير وعرفان، وحث على مراجعة أوضاع الفلاحين، ولو استقبلت الحكومة التوجيه الرئاسى بتفهم وعمق، لتوفرت على دراسة أحوال الفلاح المصرى، ولنفرت من فورها إلى غوثه، وتقديم أوجه المساعدة الحقيقية لتمكينه من مضاعفة الإنتاج لسد الفجوة الغذائية التى كشفتها الحرب الأوكرانية. 

نظرية أزمة وتعدى، وتعود الحكومة لعادتها القديمة فى تجاهل الفلاح، لا يستقيم منهجاً، الفلاح الأولى بالرعاية، والوصية الرئاسية واجبة.

لسان حال الفلاحين دلدل من الشكوى، تقريباً عبر عنه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ فى رائعة «نزار قبانى» بألحان «محمد الموجى» بين سطور «قارئة الفنجان»، «وبرغم الحزن الساكت فينا ليل نهار / وبرغم الريح / وبرغم الجو الماطر والإعصار..» يقف الفلاح الأصيل شامخاً فى حقله، شاكراً ربه، يحمل فأسه، ومشمراً عن ساعديه وقدماه مغروستان فى الأرض الطيبة فى حبور.

رشحت الفلاح المصرى فى نهاية العام الماضى فى صحيفة الأخبار المصرية «نجم العام» حدسى حدثنى بذلك، وكتبت مترعاً بمحبة الفلاحين، الطهر عنوانه، والشقى نصيبه، يحنو على زرعته كأولاده، قانع بما تغله أرضه، ويأمل فى غلة تكفيه سؤال اللئيم، يترجى ربه، وييمم وجهه إلى السماء، والبركة حاضرة بفضل الدعاء. 

الثابت أن الفلاح صامد فى مواجهة غائلة الأسعار، التقاوى والسولار والمبيدات، تضاعفت أسعارها، ولا يزال قابضاً على الجمر، ويرجو نظرة، نظرة يا حكومة، لدعم الفلاح.. يستأهل كل الخير، ودعمه واجب مستوجب، دعم الفلاح عين الاستثمار.

الفلاح لا يبخل بالعرق.. فقط يحس بالأمان من غدر الزمان.

الفلاح رمانة الميزان، كما كشفت عنه الجوائح والحروب، ومنى عينيه يضاعف الغلة، الفدان يعطى ٢٠ أردبًا، ولكن اليد قصيرة عن إدراك الأمانى، والعين بصيرة، والفم مرارته علقم، وحلوه شاى مسكر، متى تحلى العيشة كما يغنى عبد الوهاب. 

المواطن الوحيد فى مصر الذى لا يعرف الإجازات، (لا عارضة ولا مرضية.. ولا طقس سيئ ولا كورونا)، حتى أيام الفوضى، الله لا يعيدها، كان يسمع عنها فى الترانزستور فى الغيط، وينكب على أرضه بفأسه ومحراثه، لا يملك رفاهية الوقت وراه واجب، زرع وبذر وحرث، ورعاية أرضه مهمة مقدسة نذر لها نفسه وحياته.

الفلاح أبوقيراطين طين، وطين الترعة على كعابه، والشقوق محفورة أخاديد فى وجناته، والشمس لوحته، والبرد نشف الدم فى عروقه، يعالج جروحه الحياتية بالعمل الشاق المستدام. 

فلاحنا الطيب فى رقبته كومة عيال، وحامد ربه على الرزق الحلال، تكفيه ابتسامة رضا وسلام، «مش بتاع كلام»، فقط يرجو نظرة، ليكمل مشوار الأجداد. 

الالتفاتة الرئاسية المعتبرة للفلاح تعوض بعض الشقاء، ولكن الحكومة تقطر بالقطارة لا تذيب المرارة فى الحلوق، الفلاح يحتاج نقلة حياتية عبر خطة زراعية مدروسة.

فلاح الدلتا والصعيد حفيد الأجداد العظام يحتاج إلى رؤية زراعية جديدة، معلوم الخطط الطموح تستهدف الزراعة فى الصحراء، ولكن فلاح الوادى والدلتا يستحق الشكر والعرفان وقبلها مزيد من الاهتمام، وهذا لا يغيب عن الرئاسة، والآمال معلقة فى رقبة الفلاح، ونظرة رئاسية مقدرة للفلاح تغير طعم الحياة.