عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عقد كامل، عشر سنوات مضت على رحيل بابا العرب، قداسة البابا شنودة الثالث، رحل فى ١٧ مارس ٢٠١٢، تاركا كنيسة مصر عظيمة فى عهدة راهب صالح، بابا مصر قداسة البابا تواضروس الثانى، خير خلف لخير سلف، الكنيسة المصرية ولادة، لأنها بطن من بطون مصر الولود.

«مصر وطن يعيش فينا، ليس وطنًا نعيش فيه»، رحل قداسة البابا شنودة الثالث وظلت أيقونته الوطنية التى ورثها عن العظيم «مكرم عبيد» خالدة، ترددها أجيال المصريين من بعد رحيله جيلًا بعد جيل.. قبط مصر وطنيون بالفطرة الوطنية السليمة.

ونزيدكم من فضل «مكرم عبيد»، مقولة مأثورة «نحن مسلمون وطنًا ونصارى دينًا، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن أنصارًا.. اللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين».

ذكرى رحيل البابا الطيبة تستجلب طيب عطر هذه الأجيال الوطنية العظيمة، وما تبقى من سيرة بابا العرب كثير، أكثر من أن تحصيه الأقلام أو الأقلام.. كانوا يحبونه حبًا جمًا

ما بين عامى ١٩٧١ عندما اعتلى البابا شنودة الثالث، كرسى البابوية، وبين ١٧ مارس ٢٠١٢ تاريخ وفاته، حافلة بالمواقف والأحداث الكنسية والوطنية جميعها تشير إلى بابا استثنائى كاريزماتى فى تاريخ الكنيسة المصرية.

ولد «نظير جيد» اسمه قبل الرسامة، عام ١٩٢٣ فى قرية «سلام» بأسيوط وحصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ عام ١٩٤٧ وتم تجنيده ضابطًا احتياطيًا بالجيش المصرى.

اهتم منذ شبابه بالكنيسة وعمل على تجديدها من خلال «مدارس الأحد» التى أصبح رئيس تحرير مجلتها المعتبرة، ولكنه آثر بعد ذلك حياة الرهبنة التى كان يتوق إليها منذ صباه فترهبن عام ١٩٥٤ تحت اسم «أنطونيوس البرموسى» واختاره البابا الناسك «كيرلس السادس» سكرتيرا له، ثم أسقفًا للتعليم، وبعد وفاة البابا كيرلس تم انتخابه بطريركًا ليكون البابا الـ١١٧ للكنيسة المصرية..

خلال فتره توليه البابوية واجه البابا شنودة الكثير من الأزمات، التى بدأت بعد توليه البطريركية بشهور فيما عرف بأزمة «كنيسة الخانكة»، وأعقبها فى السنوات التالية العديد من الأحداث الطائفية كانت ذروتها حادث «الزاوية الحمراء»، التى شهدت هجومًا علنيًا لأول مرة من الرئيس السادات ضد البابا شنودة فى محفل عام.

وزاد من غضب السادات رفض البابا السفر معه إلى القدس عام ١٩٧٧ وإعلانه رفض زيارة القدس إلا بعد حل المشكلة الفلسطينية، وقال إنه لن يذهب إلى هناك إلا بصحبة شيخ الأزهر، وهو الموقف الذى كان محل تقدير من الجماعة الوطنية المصرية التى لقبته بابا العرب، وهو اللقب الذى كان يستملحه كثيرًا ويعتز به كثيرًا.

لعل العام ١٩٨١ كان فارقًا فى حياة الرئيس الشهيد محمد أنور السادات، اغتاله المتطرفون فى السادس من أكتوبر، كما كان فارقًا فى حياة البابا شنودة وتاريخه، عندما قرر عدم الاحتفال بعيد القيامة عام ١٩٨١ احتجاجًا على أحداث طائفية مروعة، مما أغضب السادات، ونقم على البابا، وعزله وتحفظ عليه فى «دير الأنبا بيشوى» وتعيين لجنة من خمسة أساقفة لإدارة الكنيسة، وكان ذلك ضمن حملة اعتقل خلالها أكثر من ١٥٠٠ من القادة الدينيين والسياسيين ضمن ما عرف فى توصيف طيب الذكر الأستاذ محمد حسنين هيكل بـ«خريف الغضب»..

لم يعترف المسيحيون ولا المسلمون الوطنيون بقرار الرئيس السادات، وظل فى أعماقهم ووجدانهم أن البطرك «شنودة الثالث» هو البابا الشرعى للكنيسة، وبابا المصريين والعرب.

وبعد وفاة الرئيس السادات أصدر الرئيس الأسبق مبارك رحمه الله، فى العام ١٩٨٥ قرارًا موفقًا بعودة البابا شنودة إلى موقعه الكنسى مكرمًا معززًا، وكانت خطوة موفقة ترتب عليها عقود من التفاهم والتناغم بين البابا والرئيس، وتحسنت العلاقة بين الكنيسة والدولة، ولم يعكر صفوها وقوع العديد من الأزمات، وكان أبرزها الاعتداء على «كنيسة القديسين» بالإسكندرية خلال قداس عيد الميلاد عام ٢٠١١ وقبل ثورة يناير بأيام.

وظل البابا حريصًا على مواقفه الوطنية والدفاع عن حقوق المسيحيين فى قلب الجماعة المصرية حتى اللحظات الأخيرة فى حياته، ومن مقولاته الوطنية التى تعبر بحق عن الضمير القبطى المصرى، «لو أمريكا اللى هتحمى الأقباط فى مصر وتفرض الحماية الدولية عليها فليموت الأقباط.. ولتحيا مصر».

وعند وفاته انتحب الأقباط، وبكى المصريون جميعًا، كان الفقد عظيمًا، ورغم مرور عشر سنوات على رحيله الحزين فإنه ما زال حاضرًا رغم الغياب!