رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أشرنا فى مقالنا السابق إلى الدور الريادى للفنان جورج حنين، واليوم نتوقف عند فنان آخر ممن كان لهم بصمة واضحة على السريالية فى مصر، ونعنى به رمسيس يونان، ففى عام 1938 فجر رمسيس يونان قنبلة مدوية بكتابه المنشور باللغة العربية: «غاية الرسام العصري»، ضمن مطبوعات جماعة الدعاية الفنية، بمقدمة كتبها حبيب جورجى، ووصف الكتاب بقوله: «عرض موجز ممتع لطائفة من أحدث الآراء وأجرأها فى الفن مشفوعة برأى المؤلف الفنان، الذى يقدم إلمامة سريعة بالمشاكل المهمة التى واجهت الرسام العصرى لبيان ما اتخذه من طرائق فى علاجها وإلى أى حد نجح». ويثير هذا الكتاب الإعجاب سواء من حيث لغته أو طريقة عرضه، إذ يتبع فيه تسلسلًا منطقيًا، فقبل أن يتحدث عن السريالية يبدأ بالحديث عن النفس ويعرض لنظريات فرويد وبخاصة نظريته فى العقل الباطن، ومن ثم فهو يرى أن الفن مثل الدين عليه أن يجد حلولًا لأزماتنا النفسية، وبذلك يساعدنا على الوصول إلى حالة من السلم والتوازن النفسى، وهذه أرقى طموحات الإنسان.

وفى هذا المعنى يقول رمسيس يونان: «وفى رأيى أن الفن–الذى نحيطه بهالة من التقديس–لا بد أن يكون قادرًا على القيام بدور مهم فى هذه الدراما الباطنة. أعنى أن يكون قادرًا–كالأديان–على إيجاد حلول لبعض منازعاتنا النفسية، وبذلك يساعدنا على الوصول إلى حالة من السلم والهدوء النفسي–فهذه للإنسان أعز أمانيه... والفنان–كالعالم والنبي–يمتاز على الإنسان العادى بأنه يبتدع لنا كثيرًا من هذه الرموز».

وفى 22 ديسمبر 1938 وقع 40 شخصًا على البيان الجريء: «يحيا الفن المنحط» ومن بين الموقعين على هذا البيان رمسيس يونان وجورج حنين وكامل التلمسانى وفؤاد كامل وآخرون. وكان هذا البيان احتجاجًا وردًا على منع هتلر للفن بحجة أنه منحط.

وفى 9 يناير 1939 تأسست «جماعة الفن والحرية» واتخذت مقرًا لها بشارع المدابغ رقم 28 بالقاهرة، وحددت أهدافها فى الأغراض التالية:

(1) الدفاع عن حرية الفن والثقافة.

(2) نشر المؤلفات الحديثة وإلقاء محاضرات وكتابة خلاصات من كبار المفكرين فى العصر الحديث.

(3) إيقاف الشباب المصرى على الحركات الأدبية والفنية والاجتماعية فى العالم.

وفى العدد الثانى من نشرة جماعة «الفن والحرية» ينشر جورج حنين تقريرًا حدد فيه موقفه من الفن والفنانين قال فيه: «إن هدفنا ليس تغيير الرغبة، بل تغيير المجتمع وتكييفه مع رغباتنا، ولا يمكن للفن أن يكون عاطفيًا فحسب، فهو ضد النظام القائم، وضد الطبقة الحاكمة وضد الخنوع وضد الركوع البوذى، فالفن ليس سوى مخزن للذخيرة».

وفى ديسمبر 1939 شارك جورج حنين رفاقه فى تأسيس جريدة جديدة ناطقة باللغة الفرنسية هي: «دون كيشوت»، وهى جريدة أسبوعية إخبارية يحررها الشباب، صاحبها المسئول «إدوارد الشدياق»، ورئيس تحريرها «هنرى كوريل» مؤسس الحزب الشيوعى المصرى، وقد أعلنت الجريدة عن نفسها بهذا البيان: «نحن نناضل ضد الفوارق الطبقية والمغالطة التاريخية والتساهل والممارسة التى لا يمارسها الناس بحرية، ضد كل التلفيقات وكل التوريات».

وفى عام 1940 أصدرت جماعة الفن والحرية أول مجلة اشتراكية عربية اسمها «التطور». وقد عبرت المجلة عن الفكر السياسى لجماعة الفن والحرية دون تصنيف: فهم يؤمنون بالتغير الدائم والتغير المستمر، ويقاومون الفكر الغيبى والأسطورى وقيم الاستغلال. ويستهدفون تغيير المجتمع المصرى المريض من خلال حركة فكرية ناهضة.

وقد تميزت مجلة التطور عن غيرها من المجلات اليسارية الأخرى بالاهتمام بموضوعات جديدة ومتفردة مثل: الجنس والمرأة، والتمرد على التقاليد الاجتماعية والدينية وتقديس الحرية الإنسانية، والتحرر من أى نظرة حزبية أو أيديولوجية ضيقة. وقد انعكس ذلك فى شعاراتهم ومقالاتهم وإبداعاتهم.

فمن الشعارات التى رددوها على صفحات التطور:

«نحن لا نريد منك أن تتبعنا وإنما نريد أن تشق معنا الطريق»

« الموت خير من الحياة فى عالم لا يقترن فيه الحلم بالعمل»

«لسنا أحرارًا مادامت هناك سجون».

«خلقت العراقيل لتكتسح».

وكثيرًا ما عبرت هذه الشعارات عن حرية واستقلال المرأة مثل:

«فلتأخذ المرأة حريتها بنفسها ولا تنتظر من أحد أن يمنحها هذه الحرية»

وللحديث بقية..