صفحات من تاريخ الوطن (٣)
عضو مجلس الشيوخ
عن تنسيقية شباب الأحزاب
والسياسيين عن حزب التجمع
ولأن القيم ليست مجرد كلمات رنانة، وإنما هى منظومة من السلوك والأفعال والأقوال تحكم سلوك الإنسان، وبما أننا نعيش فى ظل الجمهورية الجديدة، فما أحوجنا اليوم إلى تسليط الضوء على كل ما يؤكد أهمية القسم ويجسد معنى المدنية والحداثة والرقى.
وأجدنى محظوظًا بصداقة نشأت مؤخرًا بينى وأحد أهم الرجال الذين يعكسون قيم العدالة والتنوير والتحضر، إنه المستشار عبدالوهاب عبد الرازق رئيس مجلس الشيوخ الحالى، ورئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق من ينظر إلى سيرة ومسيرة هذا القاضى الجليل، ويتأمل حاضره ومسلكه على مدار الساعة سيجد أمامه نموذجا للرصانة والشجاعة والاستنارة، بما يتفق مع الصورة الذهنية المثلى - والتاريخية - لرجل العدالة.
اكتسب المستشار عبد الوهاب عبد الرازق قيمة العدالة من عمله لما يقرب من نصف القرن فى الهيئات القضائية المختلفة، وتعددت خبراته مع تعدد مهامه فى الهيئات القضائية المختلفة، من النيابة العامة إلى نيابة أمن الدولة العليا ومنها إلى المحكمة الادارية والتأديبية بأسيوط ثم إلى مجلس الدولة ومنه إلى المحكمة الدستورية العليا التى واصل الترقى فيها إلى أن تولى رئاستها عام 2016.
وبكل تلك الخبرات المدعومة بالقيم حرص الرجل عل حماية المجتمع خلال سنوات عمله القضائى بتطبيق العدل باعتباره السياج المتين الذى يصون ويحمى أمن الوطن والمواطن، ولأن الخطوب هى محك القلوب كما قالت السيدة أسماء بنت ابى بكر –عليهما رضوان الله، فقد ظهر ولمع معدن رجال القضاء المصرى الشريف بصفة عامة وأعضاء المحكمة الدستورية العليا فى صدارتهم ومن بينهم المستشار عبدالوهاب عبد الرازق خلال السنة (السوداء) التى استولت خلالها الجماعة الإرهابية على حكم مصر.
خلال هذا العام اصدرت المحكمة الدستورية العليا عددًا من الاحكام التى برهنت بها على استقلالها وحرصها على سيادة القانون وأكدت ولاءها التام للشعب المصرى، وأصدرت المحكمة فى جلسة برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق يوم الخميس 14 يونيو 2012 حكمًا ببطلان قانون مباشرة الحقوق السياسية والمعروف بقانون العزل والذى أقره مجلس الشعب بأغلبيته الإخوانية مستهدفًا إبعاد الفريق أحمد شفيق عن الترشح فى الانتخابات الرئاسية فى مرشح الجماعة محمد مرسى، وفى جلسة أخرى برئاسة المستشار فاروق سلطان اصدرت المحكمة ايضا فى ذات اليوم حكمها التاريخى ببطلان انتخابات مجلس الشعب ذى الاغلبية الاخوانية نتيجة لما شاب هذه الانتخابات من انتهاكات ومخالفات دستورية وقانونية جسيمة، وأصدرت المحكمة فى جلسة 2 يونيو 2013 برئاسة المستشار ماهر البحيرى حكمًا ببطلان انتخابات مجلس الشورى الإخوانى وكذلك الجمعية التأسيسية للدستور ذات الصبغة الاخوانية.
بكل النزاهة والشرف أصدر قضاة مصر تلك الأحكام النزيهة، وكانوا مستعدين تمامًا لدفع الثمن.. تعرضوا للهجوم بأقذع الالفاظ من قادة الجماعة الارهابية، وتمت محاصرة المحكمة الدستورية العليا لمدة 18 يوم بالميليشيات المسلحة لمنع قضاتها من ممارسة مهمتهم المقدسة.
وقف المستشار الجليل عبد الوهاب عبد الرازق بين زملائه صامدًا ومستمسكًا بالعروة الوثقى فى وجه إرهاب جماعة الإخوان ومن والاها حتى ثار المصريون ضد حكم المرشد بالثورة فى 30 يونيو 2013.
أدى المستشار عبدالوهاب عبد الرازق مهمته فى السلك القضائى على الوجه الأكمل، وبعدها خاض غمار السياسة بتوليه رئاسة حزب مستقبل وطن، وبحكمة السنين أدار تشكيل القوائم الوطنية المشتركة مع الأحزاب الأخرى لخوض انتخابات مجلسى النواب والشيوخ، وأنجز المهمة بنجاح بما تقتضيه من توازنات وحسابات دقيقة تراعى الأوزان السياسية لكل حزب.
يجلس المستشار عبدالوهاب عبدالرازق على مقعد رئيس مجلس الشيوخ مضيفًا للمنصب بهاءً على بهائه، ومواصلًا تأكيد قيم وأصالة
آل عبد الرازق، تلك العائلة التى انجبت لمصر اثنين من كبار رموز التنوير خلال القرن العشرين، وهما الشيخ الجليل فضيلة الامام الاكبر مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر الاسبق، وشقيقه وزير الاوقاف الأسبق الفيلسوف والأستاذ الجامعى الشيخ على عبد الرازق الذى وقف فى وجه الأصولية الدينية والاستبداد باسم الدين.
المصريون عمومًا يرددون المثل «العرق يمد لسابع جد».. ورجل كالمستشار عبد الوهاب عبد الرازق يؤكد دقة المثل وروعته، وروعة الأرض الطيبة التى تنجب لنا مثله.