رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أشاعَ يُشيع، وإشاعَة الأمل صنعة، كما يقولون.

فى زمن الجائحة، يتمنى الفرنسى الضَجِرَ بالفيروس ومنه، والمكانُ بمن فيه، أن يكون سويسرياً، ويتجاوز الخط الوهمى الحدودى الفاصل إلى بلاد برئت من إرهاب كورونا المخيف، وعادت سيرتها الأولى فى الحياة الطبيعية الهادئة الناعمة، حيث تشرق الشمس على الأشجار فتزيدها خضرة.

الحكومة السويسرية بجرأة تحسد عليها، رفعت معظم القيود المفروضة بسبب الوباء، مع تضاؤل المخاوف من أن يفضى ارتفاع عدد الإصابات بالسلالة «أوميكرون» إلى عدم قدرة نظام الرعاية الصحية على استيعابه.

عجباً من العجب العجاب، ما إن أشرقت الحياة من قبل الظلمة فى سويسرا، ولم يكد الرئيس السويسرى «إنياتسيو كاسيس» يقرر (الأربعاء الماضى) رفع الحظر، ما أعطى العالم دفعة معنوية هائلة، حتى أظلمها (يوم الجمعة) فى وجوهنا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، «تيدروس أدهنوم غيبريسوس»، وقال متشائماً: «إن ثمة «ظروفا مثالية» فى العالم لظهور نسخة جديدة من فيروس كورونا أكثر خطورة». 

قضَّ مضْجعه، أقلقه، جعله لا ينام الليل، هكذا حالى صرت قلقاً مبلبلاً بعد كلمة «تيدروس» التى ألقاها خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، إحساس دفين بأن «تيدروس» يستهدفنى بكلماته، كلما هدأت نفسى وسكنت مخاوفى، واشتعلت روحى بجذوة الأمل فى خلاص البشرية من الجائحة، أعادنى «تيدروس» إلى نقطة الصفر نفسياً.

كلما شاهدته، أتحسس رأسى خشية من نبوءة سوداوية، العراف الإثيوبى، لا يكف عن إطلاق نبوءاته السوداوية فى الفضاء الكونى.

يقول، لا فُضَّ فوه، ولا عاش شانئوه، ولا بُرَّ مَن يجفوه، ولا عدمه مُحِبُّوه، ولا عاش حاسدوه: «إن تغطية عملية التلقيح أطيافاً واسعة من السكان فى بعض الدول وتسبب متحور «أوميكرون» بحالات أكثر حدة من المرض أسفرا عن «انتشار أحاديث خطيرة حول انتهاء جائحة فيروس كورونا.. لكن الأمر ليس هكذا!!».

ولم يتركنا لحالنا متخبطين فى الحائط، يدهمنا بقسوة، ويذكّرنا بالمأساة الإنسانية التى شك سيادته ظنا أننا نسيناها، ألقاها فى وجوهنا بغلاظة ليست غريبة عليه: «فيروس كورونا يقتل نحو 70 ألف شخص فى العالم كل أسبوع، بينما لا تزال أنظمة الرعاية الصحية تتحمل عبئاً مفرطاً» وكأنه يرد على قرار الحكومة السويسرية، (تيدروس المتشائم) فى مواجهة (كاسيس المتفائل)، أليس هناك (متشائل) بينهما، يبدو العالم قد خلا من المتشائلين، بعد رحيل طيب الذكر الروائى الفلسطينى «إميل حبيبى» صاحب رواية «سعيد أبى النحس المتشائل» (عام ١٩٧٤).

كتبت قبلاً، وما زلت أعتقد أن منظمة الصحة العالمية ولا مديرها الإثيوبى تعرف طريق التفاؤل أبدًا، منظمة عابسة ومديرها مشمئنط، وبياناتها يلونها عبوس، وقنوط، تحض على الانتحار يأسًا.

يا ساتر، فى قلب الوباء والموتى بالملايين، يصدمنا «تيدروس» بنُبُوءة عرّاف، فيما معناه، «رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجىء»!.

تيدروس، يستحق لقب «الْعَرَّاف»، لا سِيَّما أن نبوءته صدرت فى مفتتح عام جديد، وستُضم إلى مثيلاتها من نبوءات العرّافين حول العالم.. العراف الإثيوبى يتأبّط شرًا.

يُذكرنى «تيدروس» ببيت شعر لطيب الذكر «صلاح عبدالصبور»، فى رائعته الخالدة «يوميات نبى مهزوم يحمل قلمًا»، يقول: «انفجروا أو موتوا.. لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالى جبل الصمت.. أو ببطون الغابات..»، لا أعرف مدى ثقافة تيدروس العربية ليفقه المعنى الكامن فى بطن الشاعر.

والمعنى، يا دكتور تيدروس، كفاية حرام، ارحمنا قليلًا، أرجوك كفاية، لما نخلص من أوميكرون نفكر فى الوباء الأشد خطورة الذى تستشرف ظهوره،، ومنشور فى جريدتنا العريقة «الوفد» ما يمكن أن متحور أوميكرون «الخفى»، أو BA.2 يمكن أن يتسبب فى إصابات أكثر خطورة من النسخة الأصلية للسلالة.. والعياذ بالله.

فلتفرد المنظمة الكونية وجهها الكئيب، فليبتسم «تيدروس» وهو يقذف جوائحه فى وجوهنا، المنظمة فى حاجة ماسّة إلى وجه مريح، متفائل، يبشر بالخير.

تحس بأن منظمة الصحة العالمية مريضة نفسيًا، منظمة المحبطين، وجوه منتقاة من كوكب عبس، لا يكفون عن إحباط البشر ويتولون عن الغوث، متسلطين علينا، مجرد أن تفتحت مسامّ البشرية استشرافًا للأمل من سويسرا بدقتها المتناهية، يداهمنا «تيدروس» بنبوءته السوداء، انتظروا متحوراً آخر.

لسان حاله يُغنى عن بيانه الكئيب، يمشى على الطريقة الحليمية فى «قارئة الفنجان»: «مقدورك أن تمضى أبدًا فى بحر الحب بغير قلوع

وتكون حياتك طول العمر كتاب دموع..».

وترجمتها الشعبية فى أغنية حسن الأسمر «كتاب حياتى يا عين»، ما شفت زَيُّه كتاب/ الفرح فيه سطرين/ والباقى كله عذاااب!.

«تيدروس» يعانى رهاب الوباء، سدَّ عليه منافذ الأمل، كلما ينام هنيهة يصحو ملتاعًا وعرقه مرقه، قلبه واجف، وعطشان، ويهذى: الوباء، الوباء، الوباء.

أخشى روحًا شريرة تلبّست مدير المنظمة، لا تصدر عنه أبدًا بارقة أمل، المنظمة تحتاج إلى نقلة معنوية، من مرحلة الإحباط والتخبيط إلى مرحلة إشاعة الأمل على طريقة كاسيس السويسرى.