رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بهدوء

 

 

 

يظل للتصوف مكانة خاصة فى قلبى وعقلى وروحى، فله تأثيره الوجدانى العميق، وفى إيمانى وعقيدتى، ففيه راحة للروح وصفاء للنفس، وإدراك عميق لحدود قدرتى الإنسانية المحدودة، وعلاقتى الخاصة بربى، فالتصوف هو ديانة الحب فى الإسلام، لأنه يقيم علاقتى بخالقى على المحبة لا الخوف، على الرحمة لا القسوة، فالتصوف ينشئ علاقة انسجامية واضحة بين الإنسان والطبيعة، وبين الإنسان وكافة مخلوقات الأرض، ولهذا لا ينقطع شغفى بقراء التصوف.

وها أنا أشعر بسعادة بالغة حين رأيت عملا أكاديميا متميزا عن (رؤية العالم عند المتصوفة)، والكتاب فى أصله أطروحة دكتوراه للدكتورة أسماء ربيع مدرس علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس، وصدر عن مؤسسة البناء للتنمية، وقد أسست الدكتورة فى عملها المتميز لأطروحتها باستخدام المنهجية الموافقة لطبيعة موضوعها، وهو توظيف المنهج الظاهرياتى والتأويلى فى قراء موضوعها عن التصوف، وتناولت فى أطروحتها فصلا نظريا عن التصوف من حيث النشأة والتكوين والتطور، والمؤثرات التاريخية والاجتماعية على كل مراحله، وعالجت التكوين الخاص بالطرق الصوفية، وتم ذلك من خلال مصادر مهمة، ويتناول الكتاب كمدخل اجتماعى مدى تأثير التصوف على الحياة الفردية والاجتماعية للطرق الصوفية.

وذهبت أسماء ربيع إلى أن رؤية العالم عند الصوفية تؤكد أنهم مجموعة من البشر، لديهم نظام معين من العبادة يدخل السكينة والطمأنينة على أنفسهم وأرواحهم، ويزيل ما بهم من هموم وأحقاد، ويتميزون ببعض الخصائص الروحية من الصفاء، ولين القلب، ونور البصيرة وحسن الخلق، والمحبة، وهم يرون أهمية بناء حياة سعيدة فى الدنيا والآخرة، ويؤكدون أن تصوف حالة روحانية، كما تتسم الرؤية الصوفية بالتسامح فى نظرتها للآخر المغاير لها فى المذهب والمعتقد، والمغاير لى فى الدين، وقبول التعددية فى الطريق إلى الوصول لله، وان قبول الآخر المختلف معهم هو فى أصل الإيمان الصوفى.

وعرضت أسماء ربيع لأهمية التصوف وتأثيره على الحياة الاجتماعية للمتصوفة من خلال دراسة ميدانية تطبيقية على الطرق الصوفية، وتعرضت لمدى تأثيره على العلاقات بين الأفراد الذين ينتمون للطرق، وتوكد دور التصوف فى الجانب الروحى للأفراد بوصفه تجربة ذاتية خالصة يمر بها الأفراد، وقد لا يستطيعون التعبير عنها لأنها أمور ذوقية ووجدانية، والغالب عليها أنها أمور باطنية لا يجيدون وصفها أو التعبير عنها، وقد لا يمكن للآخر تخيلها أو تصديقها دون اختبارها أو تجربتها فعليا بصورة ذاتية، وترى أن الجانب الروحى يظهر فى آثاره ويمكن وصفه فى الحالات الصوفية فيما يعيشونه من اطمئنان وسكينة ورضا نفسى، وراحة نفسية نتيجة ممارستهم للطقوس الصوفية من قراءة الأوراد، وحضور الحضرة، والاحتفالات الدينية لأن هذه الممارسات تؤدى لهم وظيفة روحية ونفسية، ويظهر تأثير التصوف فى بروز الحدس والاستبصار بصورة واضحة لدى المتصوفة، وأنهم يستبصرون الأشياء بنور الله الذى يكشف لهم حقائق الأشياء.

وتؤكد أسماء ربيع أهمية التصوف فى الرؤية المستقبلية للحياة الإنسانية، وعلى دور التصوف فى تغذية الجانب الروحى والأخلاقى للإنسان، والعناية بكل ما يغذى الحياة الروحية للإنسان، وكل ما يؤدى إلى ارتقائها ونموها فى ظل الواقع الحالى الذى ينتشر فيه النزوع المادى والإلحادى، ولا ينبغى أن نقف عند بعض المظاهر السلبية التى تصدر من بعض المنتسبين للطرق الصوفية، حيث إن غاية الطرق الصوفية هى عبادة الله وتطهير النفس، وتهذيب الخلق، وليس لها أى أهداف سياسية أو اقتصادية على عكس الجماعات الدينية المتطرفة التى تستخدم الدين لكافة الأغراض الدنيوية.