رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل، ونعى صندوق «تحيا مصر» فى بيان فقيدة الوطن «الحاجة فهيمة» بكلمات طيبات تستحقها، وفى ميزان حسناتها، نصًا من البيان: «رحم الله الحاجة فهيمة التى ضربت أروع أمثلة العطاء وبادرت بالتبرع بمدخراتها لصالح صندوق تحيا مصر.. وسيظل الصندوق يثمّن هذه المشاركة التى دعمت بها الفقيدة مبادئ التكافل والتراحم بين أبناء الوطن».

الله يرحمها، توفيت فجر الجمعة وشيعت فى جنازة شعبية مهيبة، الحاجة فهيمة على السيد، أكبر معمرة بمحافظة الشرقية، والبالغة من العمر ١٠٥ أعوام، ومأثور عنها حسن صنيعها، يوم تبرعت بكل ما تملك مبلغ (٣٠ ألفًا) مساهمة منها لدعم صندوق «تحيا مصر»، وتلقت تحية رئاسية مقدرة من الرئيس السيسى، وصافحها وشد على يديها وقبل رأسها خلال الاحتفالية بيوم المرأة المصرية والأم المثالية عام ٢٠١٩.

تحتاج إلى فتح «كتاب الأصلاء» لتحاول فهم عمق انتماء الطيبين لهذه الأرض، وعشق البسطاء لأغلى اسم فى الوجود، يتمتمون بحبهم لمصر فى صلواتهم، ويرفعون أصواتهم بالدعاء يسمعه رب العباد من فوق سبع سماوات، مصر محروسة بدعاء الطيبين، وإخلاص عباد الله المتبتلين، «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (الفرقان / ٦٣)

النماذج الباهرة المبهرة، مثل الله يرحمها «الحاجة فهيمة»، تلفتنا إلى موجبات حب الوطن، مش بالكلام، بالفعل الطيب، تذكرنا بما نسينا، حب الوطن فرض عليه.. أفـديه بروحـى وعينيه تورثنا حكمة، وتوصينا بالوطن خيراً، رحلت وتركت بتبرعها البسيط وصية عظيمة، كله إلا الوطن، كله فداء الوطن، وشقى العمر فى حب الوطن.

تبرع الحاجة فهيمة فى مقابل جحود البعض للوطن، نفرة الحاجة يرحمها الله درس لمن يبخل على الوطن (بحق الوطن) فى ماله وعقاره، الحاجة تتبرع، ونفر ثرى يتهرب (حتى من دفع الضرائب المستحقة)، وآخرون يتفننون فى التفلت من أداء ضريبة الوطن، ويتحجج ويتلكك ويتلكأ ويجادل ويناور، راجعوا ملفات التهرب الضريبى فى المحاكم، حاجة تكسف!

وإذا دعاهم الداعى للتبرع، أشاحوا بوجوههم، وقت يتبرع الطيبون فى الأعمال الطيبة عن طيب خاطر، صحيح متهونش إلا على الفقير، ما لهم يتثاقلون، يتقاعسون، يهرفون بهراء الأزمات الاقتصادية وتأثيرها على ملياراتهم التى جنوها من خير هذا الشعب الصابر الذى يضرب الأمثال جميعاً فى الإيثار الوطنى.

حكمة رحيل المرحومة تذكير بما تلهينا عنه، وأذكركم وأذكر نفسى قبلكم، هل لا تزال حملة «صبح على مصر» متقدة، هل لا تزال حملة «الفكة» معمولاً بها، هل نهر التبرعات لا يزال جارياً، أخشى جواباً سلبياً.

وصية الحاجة فهيمة لا تزال فينا ملهمة، هذه سيدة عرفت للوطن فضله، وبرت الوطن من خيره، وسبق أن أكدت الحاجة فهيمة فى تصريحات لها، أنها رغم ظروف مرضها، إلا أنها كانت تحرص على التوجه إلى مقار اللجان الانتخابية للإدلاء بصوتها، مؤكدة أن المشاركة فى الانتخابات واجب وطنى، وأنه لا بد من الوقوف خلف القيادة السياسية تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، لاستكمال مسيرة البناء والتنمية، ودعت لمصر قيادة وشعباً أن يحفظها الله من كل مكروه وسوء.. ولبت النداء على وقته، وقدمت عن طيب خاطر تحويشة العمر.

الوطن محتاج بعض من تبرعات الأثرياء لسد بعض حاجات البسطاء، أثرياء العالم يذهلوننا بسخاء أعمالهم الخيرية، وكشف حساب تبرعات العام الماضى عالميا يخجل منها أثرياء مصر.

نموذج ومثال، والأمثلة لا تعد ولا تحصى حول العالم، جاء على رأس المتبرعين، الأمريكى «وارن بافيت»، ويبلغ صافى ثروته ١٠٣,١ مليار دولار، ويعود مصدرها إلى شركته (Berkshire Hathaway).

وتبرع الملياردير صاحب الأعمال الخيرية، وارن بافيت، بمبلغ ٤,١ مليار دولار إضافية فى يونيو ٢٠٢١، ما مكنه من تحقيق نصف التزامه تقريبًا بالتبرع بأكثر من ٩٩٪ من ثروته للمؤسسات الخيرية.

تحويشة عمر الحاجة فهيمة، لا تكاد ترى فى حجم ثروة «بافيت»، ولكنها الفكرة، التبرع، الجود، الكرم، ما أنبل الكرم حين يأتى من فقير معدم لا يملك من قوت يومه ما يسد به الرمق، وما أفظع الجشع حين يصدر من غنى ميسور إن وُهِب ما على الأرض من ذهب لطمع فى كنوز السماء ولما تنازل لسواه عن حبة خردل!! (والمثل الأخير منقول).