عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

أختلف بشدة مع الدكتور محمود المتينى رئيس جامعة عين شمس (ثالث أقدم الجامعات المصرية ومن أعرقها عربيًا). قبل أيام فوجئنا بإقامته حفلًا مبهرًا (خلاب الصور والمناظر والألوان والفساتين) تكريمًا للفنانة إلهام شاهين! تقريبًا كانت تلك هى المرة الأولى التى تطأ فيها قدماها حرم الجامعة. فلا تشير سجلاتها إلى أنها من خريجاتها.. أو أنها انتسبت لدراساتها العليا، أو شاركت سمنارًا أو حضرت منتدى بها، فما الذى دفعه لتنظيم هكذا حفلًا لتكريمها؟! خِلْتُها فى سباق مع المترشحين لجائزة «الجولدن جلوب» التى فازت بها للمرة السادسة العبقرية نيكول كيدمان، واكتشفت انها ليست سوى أضغاث أوهام. والحقيقة أنه حتى «نيكول» بجلالة قدرها لو وضع لها برنامج لزيارة سياحية إلى مصر، فلن يكون حتى قصر الزعفران التاريخى، ولا حتى أى مبنى من مبانى الجامعة بكل عراقتها من بين المزارات السياحية التى ستُدعى إليها.. لسبب بسيط هو أن الجامعات أماكن للعلم والبحث والدراسة، والمُكّرَمون فيها ينبغى أن يكونوا متسقين مع المكان وليسوا نغمة نشازًا فيه.

الطبيعى أن تُكّرَم الفنانات من نيكول كيدمان إلى إلهام شاهين فى الأوبرا أو المسرح القومى مثلًا. هذه قاعدة يستثنى منها فقط فنانة كأم كلثوم (سيدة الغناء العربى)، وفاتن حمامة (سيدة الشاشة العربية)، فتكريمهما ودعوتهما إلى أى محفل لا يكون نشازًا، فأم كلثوم قيمتها الفنية اتسقت مع قامتها الوطنية، عندما غنت عربيًّا ودوليًّا (على مسرح الأوليمبيا) دعمًا للمجهود الحربى، لإزالة آثار عدوان يونيو 67، أما فاتن حمامة فلا خلاف على أنها أيقونة سينمائية.. وفيما يبدو أن الدكتور المتينى نسيهما، أمام حضور «إلهام» الفنى الطاغى، والذى طغى حتى على الاعلام: طه حسين..محفوظ..العقاد..الحكيم..إدريس، والذين نظنهم أجدر بالتكريم فى جامعة عين شمس!

لقد قادنى الحنين إلى زيارة جامعة القاهرة (أول جامعة علمانية فى مصر والثانية بعد الأزهر).. فرغم أننى خريج آداب عين شمس، كثيرا ما كنت أتسلل إلى أروقة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. وقت أن كانت تحمل شعلة التنوير. اللافت أن رئيس جامعة القاهرة د. محمد عثمان الخشت يكاد أن يقوم بهذا الدور تقريبا. ففى قاعة القبة وجدت المئات من طلاب الجامعة فى مختلف الكليات والأقسام، وقد احتشدوا لمتابعة ندوة عنوانها«تطوير الوعى الديني»، فى إطار مشروعه لتأسيس خطاب دينى جديد. لا أظن أنه مهما بلغت القدرة بأحد، أن بإمكانه حشد العدد الذى رأيته.. براعم جديدة وزهور متفتحة جاءت بإرادتها ورغبتها لتنصت إلى رؤى د. الخشت، المفكر العربى وأستاذ فلسفة الأديان والمذاهب الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب، الرجل الموسوعى الثقافة الذى يجمع بين التعمق فى التراث الإسلامى والتفكير العلمى.. الذى ينفتح على الأزاهرة ويفتح لهم مجالات تصحيح الأفكار، ويرحب بالصحافة ويفتح لها أفاق الدعوة سعيًا للاستنارة. بهذه الرؤية استقبلت وجود د.وجدى زين الدين رئيس التحرير محاضرًا فى الندوة وأدركت مغزى دعوته للحديث عن الدين والتراث من زاوية الوعي، واهتزت القاعة برؤيته الناقدة، وكذلك رؤية ومفهوم الشيخ جابر طايع لتطوير الوعى الدينى.

- هكذا أرى دور الجامعات، فإذا لم تكن جامعات مصر- و«القاهرة» فى القلب منها- تتصدى لمثل هذه القضايا الفكرية المهمة، فمن ذا الذى يفعل؟