رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

يعتقد بعض المنظّرين أن المناخ الديمقراطى السليم يستلزم تقسيم الشعب إلى طبقات مستهدفة، فهناك النخبة التى تتمتع بدرجة عالية من الذكاء تتيح لها فهم وإدراك الأمور وهى أقلية تمثل نسبة ضئيلة وهناك الغالبية العظمى من «القطيع الحائر أو الضال» ذات الأفكار والتصرفات العشوائية والذى يتحتم على أى نظام أن يحمى نفسه منها، لذا تفتق ذهن إدارة «وودرو ويلسون» الذى انتخب رئيسًا للولايات المتحدة عام 1916 بصناعة أول حملة دعائية حكومية فى العصر الحديث وفق برنامج انتخابى بعنوان «سلام بدون نصر».

وهو ما أشار إليه نعوم تشومسكى فى كتابه البديع «السيطرة على الإعلام» وحلل أسباب نجاح هذا البرنامج الذى لقى هوى لدى الأمريكيين، بالرغم أنهم أناس مسالمون بطبعهم بالإضافة لعدم وجود أسباب وجيهة تدفعهم للتورط فى الحرب العالمية الأولى، التى هى بالأساس حرب أوروبية، ولكن إدارة ويلسون كان لها رأى آخر فقامت بإنشاء «لجنة كريل» التى مهمتها الوحيدة هى غسل أدمغة القطيع الحائر للموافقة على قرار الحرب.

وقد نجحت خلال ستة أشهر فى تحويل أولئك المسالمين إلى متحفزين تتملكهم الهستيريا، والتعطش للحرب، والرغبة فى تدمير كل ما هو ألمانى، وقد حققت ذلك عن طريق بث الذعر داخل المجتمع، وإثارة المشاعر القومية المتطرفة، ونشر قصص مختلقة تحمل قدرًا كبيرًا من الفبركة والتزييف للمذابح التى ارتكبها الألمان، كالخرافات التى قيلت عن قيامهم بتمزيق أذرع الأطفال البلجيكيين، وغير ذلك من الفظاعات، والتى كانت فى معظمها من اختراع «وزارة الدعاية البريطانية» التى كانت مهمتها آنذاك هى توجيه فكر معظم العالم وخاصة أبناء العم السام وهكذا تم تحويل المجتمع المسالم إلى بلد تحكمه هستيريا الحرب، وكان هذا بمثابة إنجاز هائل جعل من أسلوب «لجنة كريل» منهجًا سارت عليه كافة المجموعات التى كلفت بتوجيه وصناعة وقيادة الرأى العام فى أمريكا والعالم.

وقد أدرك اللوبى الصهيونى مبكرًا أهمية الحملات الدعائية الممنهجة والتى يمكن تطويعها لـتصنيع الإجماع بجعل الرأى العام يوافق على أمور لا يرغبها بالأساس، عن طريق وسائل الإعلام، وأن هذا أمر ضرورى نظرًا لعجزه عن إدراك مصالحه الحقيقية لذا فلا بد أن تقوم النخبة بإدارة شئون الدولة، فقد ركز هذا اللوبى على الاستثمار فى التكتلات الإعلامية الكبرى مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست فهذه الصحف هى التى تصنع الأخبار وتركز أنظار الرأى العام على القضايا التى تريد هى أن يركزوا أنظارهم عليها وتحجب عنهم ما تريد إخفاءه، فتأثيرها مباشر على الحكومة وعلى الحياة السياسية وعلى دوائر المال والأعمال.

وتكفى الإشارة إلى بعض الأرقام لنعرف حجم الطود الإعلامى ومدى تأثيره فعدد الصحف اليومية يزيد على 3700 جريدة ومثلها المجلات الشهرية والأسبوعية وأكثر من 8190 محطة إذاعية وأكثر من 2645 محطة تلفزيونية وان 25% فقط من الصحف الأمريكية تقع خارج التكتلات الكبرى.

وهو ما دعا 379 صحفيًا أمريكيًا لتوقيع خطاب مفتوح موجّه لزملاء المهنة، يدعونهم إلى تغيير نهج التغطية الإعلامية للقضية الفلسطينية. وجاء فى صدارة الخطاب لقد خذلنا جمهورنا بتبنى سردية تحجب جانبًا رئيسيًا فى القصة، ألا وهو الاحتلال الإسرائيلى ونظام الفصل العنصرى. للأسف الفقير يشترى الجريدة والغنى يشترى رئيس التحرير.