رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ابتداء، ليس مهماً أن تعرف ديانة الرئيس الروسى، «فلاديمير بوتين»، ولا تبحث فى خلفياته الدينية، ولا علاقته بالكنيسة فى بلاده، ولا ماضى الأديان فى الحالة السوفيتية التى انبثقت منها روسيا الجديدة..

المهم ان «بوتين» فى مؤتمر صحفى سنوى كبير، كعادته نهاية العام يطوف على الأحداث والأفكار التى تصطخب عالمياً، بوتين فى رده على سؤال صريح عن حرية الابداع، فعبر عن قناعته، بأنه «لا يمكن تبرير إهانة مشاعر المؤمنين بزعم حرية الإبداع».

وتابع بوتين متسائلاً: «هل تمثل إهانة النبى محمد ( ص ) حرية الإبداع؟».

وأجاب بنفسه على نفسه: «لا أعتقد ذلك، وتستدعى مثل هذه الأمور ظواهر أخرى أكثر تشدداً».

وذكّر بوتين العالم بأسره، بالهجوم الإرهابى الدموى الذى استهدف فى السابع من يناير(قبل سنوات) مقر مجلة «شارلى إبدو» فى «باريس» بعد نشرها رسوماً كاريكاتورية للنبى محمد (صلى الله عليه وسلم)، مشدداً على ضرورة عدم السماح ومنع حدوث مثل هذه الحوادث المأساوية.

بوتين أصاب قولاً، ولمس الحقيقة، ووضع النقاط فوق حروف شاهت وتشوهت بفعل آلة إعلامية غربية ضاغطة على الأعصاب المشدودة فى البلاد الإسلامية جراء الإهانات المتكررة لرسول الإسلام «صلى الله عليه وسلم»، وتربط جزافاً بين حرية الإبداع والتعبير بالتحقير والإساءة المتعمدة لأديان ومِلل وأعراق.. وشخوص عند المؤمنين بها، عليها سمت قداسة، ولها فى نفوسهم عصمة مستقاة من دين سماوى به يؤمنون.

كما قلنا أعلاه: لا يلزمك دينه وديانته حتى تجهد نفسك خلف السطور، فحسب تمعن فى رؤية بوتين، وقف مدافعاً عن الأديان.. ومنصفاً لحرية التعبير والإبداع، ليس على سبيل المكايدة السياسية مع الغرب، ولكن لنزع فتيل أزمات، ودماء وارهاب، تنجم عنها مآسٍ فاجعة، كما فجيعة «شارلى إيبدو» فى باريس.

ومن عندياتنا، فإذا أحسنت إبداعاً نحيت التحقير والإهانة والاستهزاء، وأرغمت قطاعاً من المؤمنين أن يقف إلى جانب حرية التعبير والإبداع دون غصة فى الحلوق، هكذا تكون كسبت الجولة فى مواجهة متشددين يتحولون فى الظلام إلى إرهابيين متدثرين براية سوداء عامية، يزعمون أنها راية الدين، والدين من سفك الدماء براء.

بوتين يؤكد حرية الإبداع والتعبير المستوجبة، وهذا واجب مستوجب أخلاقياً وإنسانياً، ولكن كما يقولون أنت حر طالما لا تضر، الإبداع حالة إلهام بلمسة صوفية وليست حالة استغباء استعدائية، رقى الإبداع يرفعه عن أرض النفاق باسم الحريات، ينير الطريق لا يستنفر الأحقاد والثأرات المستبطنة فى نفوس شريرة يتبعها العامة فى مخططها الإرهابى، وما ينجم عنه من إراقة دماء، وإزهاق أرواح، والاحتراب من حول الإبداع بما يستتبعه من تفسيق وتكفير وإهدار دماء.. وهناك طرف من هذا الاحتراب نشهده مصرياً وعربياً وإسلامياً، نخشى على حرية الإبداع من جنازير الارهاب وسيوفه، وفتاواه وأفكاره، وتفسيقه وتكفيره، طيور الإرهاب عادة كنذر للموت، وهى تحوم حول الجيف النافقة.. فحذار.

التشدق بحرية الإبداع خلواً من الاحترازات الدينية والطائفية والمذهبية،التى تجرمها مواثيق حقوق الانسان، يصلينا ناراً وقودها الناس والحجارة.

فى الغرب السعيد، لا تجرؤ أن تقول لمسلم أسود يا أسود، جريمة تمييزية رعناء يعاقب عليها القانون ومستهجنة فى أدبيات المجتمعات، ولكن لو أهنت إسلامه ورسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم)، تعد من قبيل حرية تعبير، وإذا كانت فى مصنف إبداعى تصنف حرية إبداع، وما هكذا تورد الإبل!

بوتين قلقل الأرض الساخنة تحت الأقدام، فى ظل تربص دوائر أوروبية (يمينية تحديداً) بالإسلام والمسلمين، تعانى حمى الإسلاموفوبيا المعدية، وتصنيف كل مسلم باعتباره إرهابياً محتملًا، وإرهابياً إلى أن يثبت العكس، والدعوات العنصرية البغيضة لتطهير أوروبا من المسلمين حتى لو كانوا مواطنين صالحين، وهنا بيت القصيد، أخشى لا هى قضية إبداع ولا حريات، ولكنها مربط فرس المتهوّسين اليمينين، والمتطرفين الإسلاميين على السواء، جميعاً لا نستثنى منهم أحداً.