رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

إن فلسفة المستقبل تستفيد وتتقاطع مع ما يسميه الكثرة الغالبة من المهتمين بالمستقبليات بالدراسات المستقبلية. والدراسات المستقبلية تتراوح فى اعتقادى بين العلم والفن؛ فهى العلم الذى يرصد التغير فى ظاهرة معينة ويسعى لتحديد الاحتمالات المختلفة لتطورها فى المستقبل. وتستهدف الكشف عن المشكلات ذات الطبيعة المستقبلية والعمل على إيجاد حلول علمية لها.. وهى بوجه عام دراسات من شأنها تحديد وتحليل وتقويم كل التطورات المستقبلية فى حياة البشر فى العالم أجمع بطريقة عقلانية موضوعية.

وصدق سينكا الفيلسوف الرواقى قديما حينما قال :» لاتوجد رياح مواتية لمن لايعرف أين يذهب ؟» وصدق جاستون بيرجيه الآن حينما قال: « إن فى الدراسات المستقبلية يُبنى الماضى ويفهم بدلالة المستقبل بدلا من اعتبار هذا الحاضر إفرازا للماضى « وصدق حينما قال أيضا « ينبغى تعريف المستقبل انطلاقًا من المستقبل».

وهنا لابد من القول بأن الدراسات المستقبلية كلها تقوم على الاحتمال وليس على عالم اليقين وإن كانت نسبة صدق التنبؤات فيها مرتفعة للغاية رغم أنها تعتمد على سعة الخيال والتفكير فيما لا يجرؤ الأخرون على التفكير فيه. وهى بما هى كذلك أوسع من حدود العلم حيث تتضمن المساهمات الفلسفية والفنية جنبًا إلى جنب مع الجهود العلمية. وهى تتعامل مع مجموعة من البدائل والخيارات الممكنة وليس مع إسقاطات مجردة على المستقبل.

إن الدراسات المستقبلية لا غنى عنها الآن للدول والمجتمعات والمؤسسات بل والأفراد لأنها :هى التى ترسم خريطة كلية للمستقبل حيث تقدم استقراءً للاتجاهات المحتمل ظهورها فى المستقبل وتتنبأ بالأحداث والقوى المحركة لها، وتبلور الخيارات الممكنة والمتاحة وتخضع كل خيار منها للدراسة بحيث ترشد عمليات المفاضلة أمام أصحاب القرار، كما أن من شأنها التخفيف من الأزمات حال حدوثها لأنها تتنبأ بها وبكيفية وقوعها وترسم طرق التهيؤ لمواجهتها. كم أن من شأنها كذلك طرح أسئلة المستقبل ومحاولة الإجابة عليها، مثل:

ما مستقبل الحضارة الإنسانية فى ظل التهديد النووى ووقوع الأسلحة النووية فى أيد غير رشيدة ؟! مامستقبل الصراعات والحروب فى ظل وجود أسلحة تكنولوجية فتاكه وصغيرة مثل الطائرات المسيرة الموجهة تكنولوجيا والقادرة على استهداف الأشخاص والمواقع بدقة شديدة. ماالمستقبل فى ظل امكانية صناعة وامتلاك مثل هذه الأسلحة فى أيدى الجماعات الارهابية وبأبخث الأثمان فى ضوء قلة التكلفة الإنتاجية لها ؟! ما مستقبل التغيرات المناخية وما سيصاحبها من غرق وتصحر وجفاف وهجرات ديموجرافية فى قارات ودول العالم المختلفة ؟!

وتثير إمكانية وجود ذكاء اصطناعى بشرى أو ما بعد بشرى الكثير من الأسئلة الفلسفية؛ فإذا تم تطوير الذكاء الاصطناعى العام والذكاء الاصطناعى الفائق فهل سيكونان واعين ؟ هل سيكونوا ذواتهم أم مختلفين.. هذا رغم أنهم كائنات غير حية.

تثير مسألة العواقب المحتملة لانفجار الذكاء الاصطناعى أسئلة كثيرة حول القيم والأخلاق والوعى والهوية الشخصية. وما الدور الذى يمكن أن يقوم به الفلاسفة للمساعدة فى معالجة تلك القضايا الشائكة؟!.

يتحدث المعنيون هنا عن مفاهيم جديدة تطرح نفسها على العقل الفلسفى مثل: « العقل الممتد « الذى هو عبارة عن رقائق تدعم العقل بكل صور المعلومات التى يريدها وتخزنها فيه حيث يتكامل العقل الاصطناعى مع الدماغ البيولوجى.

التكامل البشرى فى عالم مع ما بعد التفرد ؛ حيث أن الكائنات فائقة الذكاء هذه ستكون قادرة على توليد حلول للمشكلات الفلسفية المركزية التقليدية مثل مشكلة العقل والجسد، مشكلة الوعى، مشكلة الحرية والإرادة... إلخ.

أخلاقيات قرارات تحسين الدماغ ؛ وأهم ما يطرح هنا من أسئلة هو السؤال: هل يجب أن نتبنى الذكاء ما بعد البيولوجى ؟! وما تأثير ذلك على طبيعة العقل ومسألة الهوية الذاتية ؟!.. إلخ.

لقد ضربنا فيما سبق بعض أسئلة وأشكاليات المستقبل المشغول بها فلاسفة الغرب.فماذا عن أسئلة المستقبل التى تشغلنا نحن ؟ هذا موضوع مقالنا القادم.

[email protected]