رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جاءت كتاب مارتن إنديك Master of the Game وكأنه مقطوعة منسوجة جيدًا، ومتعاطفة مع واعظ السياسة الواقعية وصاحب الجهود «الدبلوماسية المكوكية» هنرى كيسنجر لإحلال السلام، أو الاستقرار بشكل أفضل.

كتب إنديك، مستشار مجلس الأمن القومى السابق لإدارة كلينتون، وسفير إسرائيل مرتين فى وقت لاحق: «إذا كانت الدبلوماسية هى فن نقل القادة السياسيين إلى الأماكن التى يترددون فى الذهاب إليها، فإن كيسنجر كان خبيرًا فى اللعبة». يلقى المؤلف نظرة تقديرية ولكن ليست غير انتقادية على كيسنجر و«قدرته الميكافيلية على نشر أدوات التأثير التى منحتها له القوة الأمريكية الهائلة». سمحت له تلك القوة بمناورة إسرائيل وخصومها فى الشرق الأوسط لتقديم تنازلات خرجت من عقلية العطاء والأخذ المعتادة، وبدلاً من ذلك ركزت على إقامة توازن القوى، بشكل أو بآخر.

يجادل إنديك بأن الهدف الأساسى لكيسنجر لم يكن السلام فى حد ذاته، بل النظام القائم على غياب الفوضى التى يمكن أن تحدثها الحرب والعداء. فى الواقع، «لم يؤمن بالسلام كهدف قابل للتحقيق أو حتى مرغوب فيه».

يلاحظ إنديك، أن كيسنجر كان قادرًا على إقناع إسرائيل بسحب المستوطنات فى الأراضى المحتلة، وهو أمر لا يمكن تصوره اليوم، ونزع فتيل سوريا المتعنتة، ومع ذلك يكتب المؤلف، لم يكن نهج كيسنجر ناجحًا تمامًا: لقد فشل فى إشراك الأردن فى هذه العملية، لأنه فيما يتعلق بحاكمها، «كان يحب الملك لكنه لم يقدّره».

هنرى كيسنجر رعى حرب 1973 بين العرب وإسرائيل حتى نهايتها. أسفرت اتفاقيات فك الارتباط بين مصر وإسرائيل فى النهاية عن معاهدة سلام، لا تزال الحدود السورية هادئة إلى حد كبير.

فى Master of the Game ، يحدد إنديك الفترة التى سبقت حرب أكتوبر عام 1973 ، وردود فعل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، وخطوة كيسنجر التى استمرت ما يقرب من عامين بين القدس والقاهرة ودمشق. ويؤكد إنديك ما هو معروف على نطاق واسع، أنه فى حين أن كيسنجر لم يمنح مصر صراحة الضوء الأخضر لمهاجمة سيناء التى تحتلها إسرائيل، إلا أنه مسرور بالنتيجة، حيث قدمت الحرب وعواقبها للولايات المتحدة فرصة لإخراج مصر من المدار السوفيتى، حتى لو كان على إسرائيل أن تدفع الثمن.

وأكد إنديك أن الحرب التى لم يتوقعها كيسنجر، وفرت له الفرصة للتلاعب بالخصوم. وهذا بدوره  ساعد فى البدء فى بناء ما كان ينوى أن يكون نظامًا جديدًا أكثر استقرارًا بقيادة أمريكية فى الشرق الأوسط.

وأشار الى أنه فى حرب أكتوبر تجاوز عدد القتلى فى المعارك الإسرائيلية ضعف عدد الوفيات الأمريكية فى ثمانى سنوات فى فيتنام. نتيجة لذلك، افترض كيسنجر أنه عندما احتاج إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار فلن يكون أمامها خيار سوى القيام بذلك.

رأى كيسنجر أن وقف إطلاق النار من شأنه أن يؤدى إلى تنازلات إقليمية، لقد حصل على ذلك بشكل صحيح، ولكن السرعة لم تكن بالضرورة ترضيه، وصل فك الارتباط سريعًا جدًا ثم ببطء شديد بالنسبة له.

فى ربيع 1975، أعلن جيرالد فورد عن إعادة تقييم علاقة أمريكا بإسرائيل. بعد أشهر، فى أوائل سبتمبر، أبرمت مصر وإسرائيل اتفاقًا ثانيا لفك الارتباط، تمهيدًا لاتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 التى صاغها جيمى كارتر.

يكتب إنديك: «عندما يتعلق الأمر بإدارة المشاعر العنيفة فى الشرق الأوسط والحفاظ على السلام، يجب أن يكون حكم التاريخ بالتأكيد هو أن هنرى كيسنجر كان جيدًا».