رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

لعلي ألاحظ  الآن دهشة القارئ العربي العزيز من هذا العنوان الغريب، فهو يعرف المستشار القانونى والمستشار الطبى والمستشار المالى والاقتصادى، وربما المستشار النفسى والاجتماعى، لكنه للأسف لا يعرف أنه لو لجأ إلى المستشار الفلسفى لأغناه عن هؤلاء جميعا فى أحيان كثيرة؛ فكم من التباسات ومشكلات فى حياتنا اليومية قد تؤدى إلى مرض نفسي أو بدنى يمكن لو أنك لجأت للمستشار الفلسفى وناقشتها معه لوجدت حلها لديه لمجرد أن ناقشها معك!! ومعظم مشكلاتنا الاجتماعية بل والاقتصادية كأفراد يمكن أن تجد حلها عنده بمجرد أن تشركه معك فيه! لكن للأسف لا تزال بلادنا بعيدة عن فهم دور الفلسفة والفيلسوف لأننا لا نزال نصدق الزعم القائل بأن الفلسفة بعيدة عن الواقع وأنها مجرد أفكار وآراء ومذاهب لأناس حالمين يفكرون فى اللاشىء أو فى الماوراء.

وعلى كل حال أيها القارئ العزيز، فإن عصرنا الحالى هو عصر الفلسفة التطبيقية الساعية إلى مشاركة البشر مشكلاتهم وايجاد الحلول لها سواء كانت مشكلات أخلاقية أو سياسية أو بيئية أو تتعلق بنواتج التقدم العلمى والتكنولوجي، مثل الهندسة الوراثية والاستنساخ والرقمنة والذكاء الاصطناعى والفضاء الالكترونى وطرق التعامل مع الواقع الافتراضى وشبكات التواصل الاجتماعى... الخ.

ومن هنا، فقد ظهرت الحاجة لدى الناس فى المجتمعات المتقدمة إلى  «المستشار الفلسفى » وتأسست المراكز والهيئات بل والعيادات المتخصصة فى تقديم الاستشارات الفلسفية، والمستشار الفلسفى هو فى الغالب أستاذ فلسفة يجيد الحوار العقلي ومهاراته ويمتلك مهارات التواصل الاجتماعى والخبرات الحياتية التى تمكنه من أن يستمع جيدا للمستشير ليصل معه إلى فهم دقيق للب المشكلة التى يعانيها: أسبابها، مضمونها وتعقيداتها، ونتائجها ومدى تأثيرها على صاحبها. ومن هنا يبدأ تحليله لعناصرها مميزا بين العناصر الجوهرية وبين العناصر الهامشية التى هى مجرد أعراض ناتجة عن العناصر الجوهرية، ثم يركز بعد ذلك على تفكيك هذا العنصر الجوهرى أو ذاك ليكشف السبيل إلى تجاوز ما به من متاعب وهكذا.. ولا شك أن الحوار بين المستشار والمستشير سيفضى إلى وضع سلسلة من احتمالات الحل حسب ظروف المستشير وقدراته العقلية والنفسية وربما المادية. وبالطبع فإن مجرد ادراك المستشير لعناصر مشكلته الجوهرية وكيفية العمل على حلها سيكون هو نفسه قادرا على مواصلة التفكير بهذه الطريقة الايجابية التى اكتسبها من مستشاره الفلسفى! إذ لا توجد مشكلة بلا حل طالما امتلكنا القدرات العقلية على التفكير المنطقى الايجابي واستبعاد التفكير السلبي المحبط الذى ساهم من قبل فى تعقيد المشكلة وجعلها تؤثر على نفسيتنا وتحبطنا.

إن ميزة اللجوء إلى المستشار الفلسفى أنه يعرف جيدا كيف يغير طريقة تفكيرنا من التفكير السلبي إلى التفكير الايجابى، ويجيد توجيه عقل مستشيره إلى طريق الحل بدون استخدام أدوية وعقاقير قد يكون ضررها أكثر من نفعها، وبدون اللجوء إلى أساليب ملتوية وسحرية وغامضة قد تعقد المشكلة أكثر مما تساعدنا على حلها.

إن الاستشارات الفلسفية لا تقتصر على الأفراد وانما تمتد للدول والحكومات والهيئات التابعة لها؛ فالفلاسفة يوجدون فى كثير من المراكز الاستشارية لرؤساء الدول والحكومات، وهم من يرأسون الكثير من المراكز البحثية والاستراتيجية فى الدول المتقدمة المعنية بالتخطيط للمستقبل برؤية شاملة وبكيفية تحقيق العدالة الشاملة بين مواطنيها. إن ادراك أهمية الفلسفة والفلاسفة هو أحد مفاتيح صنع التقدم الغائب عنا تماما وسنظل نرزح فى غياهب التخلف ان لم نُعمل العقل فى كل ما نفعل وان لم نستمع إلى صوت الحكمة من صُناعها مهما اختلفوا معنا فى الرأى. إن الفلاسفة الحقيقيين عادة ما يستخدمون قدراتهم العقلية والنقدية ومهاراتهم التنبؤية لمصلحة الانسانية ككل من جانب ولتحقيق الأهداف الوطنية من جانب آخر. فهل آن أوان ادراك أهمية الفلسفة والتفلسف فى وطننا العربي الكبير ونترك الفلاسفة يفكرون متمتعين بحرية التفكير والابداع ونتفاعل بايجابية مع رؤاهم النقدية والمستقبلية؟! وهل يمكن أن نرى يوما مكانا للفلاسفة بين مستشارى رؤساء الدول والحكومات فى بلداننا العربية؟! وقبل كل ذلك وبعده متى نقتنع ونسمح  للمتخصصين من الفلاسفة فى الاستشارات الفلسفية والعلاج بالفلسفة من أن يمارسوا ذلك سواء داخل الجامعات أو خارجها؟!

[email protected]