رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

بدأت الدعوة إلى تأسيس علم للاستغراب من خلال مشروع طموح تقدم به المفكر المصرى د. السيد محمد الشاهد المهتم بعلم الاستشراق إلى جامعة الإمام محمد بن سعود، وذلك عام 1989. وفى عام 1991 نشر المفكر المصرى أيضًا د. حسن حنفى كتابه «مقدمة فى علم الاستغراب» لأن الفاصل الزمنى بين مشروع الشاهد وكتاب حسن حنفى ليس ببعيد، لذلك يمكن القول بشيء من التجاوز أن المحاولتين قد جاءتا متزامنتين.

وبداية فإن كلمة علم (الواردة فى عبارة علم الاستغراب) هى كلمة لا تعنى العلم بدلالاته الحديثة ولكنها كلمة عامة ربما تشبه قولنا علوم الفقه وعلوم الحديث...إلخ، ولكن كلمة عبارة الاستغراب تجعلنا نسلك دربًا آخر يختلف عن الاستغراب بمعنى الارتماء فى أحضان الثقافة الغربية، والتى نعبر عنها أحيانًا بكلمة «التغريب»، علم الاستغراب هو ببساطة المقابل لعلم الاستشراق بمعنى إذا كان الاستشراق قد اتخذ من عقيدتنا وتراثنا وآدابنا وفلسفتنا وتصوفنا موضوعًا للدراسة، ومارس هو دور الذات التى تمتلك بمفردها حق التأويل والنقد والفهم والتفسير والمقارنة والتقديم فما المانع أن نتقمص نحن نفس السلطة المعرفية التى استأثر بها الغرب واختص بها نفسه. وعلى هذا النحو فإن علم الاستغراب هو علم موازٍ لعلم الاستشراق ومضاد له فى الاتجاه. إنه العلم الذى سوف يجعل من الآخر موضوعًا للدراسة بعد أن كان ذاتًا، ويحيل موضوعيتى إلى ذات تستحوذ على نفس السلطة المعرفية التى استحوذ عليها الآخر فى العصر الحديث. بعبارة أخرى علم الاستغراب سيبيح لنا تبادل الأدوار فبعد أن كنا نمثل دور العبد والآخر الأوربى يمثل دور السيد (المستشرق) سنقلب اللعبة ويصبح الآخر الأوربى هو العبد ونتقمص نحن دور السيد!!

ولكن تُرى ما هى القوة التى ستتيح وتبيح لنا ممارسة هذه السلطة المعرفية على الآخر الأوربي؟ هل هى قوة الإرادة، قوة الحلم، قوة الأمل، قوة السحر بمعنى أننا بمجرد أن نعيد ونكرر بشكل طقوسى كلمة علم الاستغراب سيتحول الآخر الأوربى إلى ذات ونصبح نحن الموضوع على طريقة العقلية البدائية التى تؤمن بأن الكلمة تساوى الشيء وأن للكلمات قوة الفعل!

بلا شك أن الدعوة لعلم الاستغراب تقع فى حيز الطموح، وهو طموح شريف لا غبار عليه إذا كنا نمتلك السلطة المعرفية التى نستطيع من خلالها أن نحتل مكانة المعلم أو الأستاذ، ونضع الآخر موضع المريد أو التلميذ. وواقع الأمر أن مشروع الاستغراب مجرد مشروع حماسى وانفعالى ويوتوبى لهذه الأسباب:

< ما="" هى="" الأدوات="" المنهجية="" التى="" سنستخدمها="" ونوظفها="" من="" أجل="" تحليل="" المفردات="" الثقافية="" الدينية="" والعلمية="" والفلسفية="" والسياسية="" للآخر="" الأوربى="" تُرى="" هل="" سنستخدم="" نفس="" المناهج="" الغربية="" (المناهج="" الوصفية="" والجدلية="" والفينومينولوجية="" والبنيوية="" والتفكيكية...="" الخ)="" أم="" أن="" لدينا="" مناهجنا="" الخاصة="" مثل="" منهج="" قياس="" الغائب="" على="" الشاهد="" الذى="" استخدمه="" المتكلمون="" فى="" دراسة="" المشكلات="">

< كيف="" سنحطم="" المركزية="" الحضارية="" للغرب="" ونحن="" ندور="" فى="" فلكها="" ونستهلك="" منتجاتها="" ونلهث="" من="" أجل="" اتقان="" علومها="" وفنونها="" وإبداعاتها،="" كيف="" لنا="" أن="" نمارس="" دور="" الريادة="" ونحن="" نحيا="" حالة="" من="" الطفالة="" الحضارية="">

< هل="" لدينا="" القدرة="" العلمية="" والأكاديمية="" كى="" نكتب="" حتى="" موسوعة="" عن="" تاريخ="" الأدب="" الغربى="" مثلما="" فعل="" المستشرق="" الألمانى="" «كارل="" بروكلمان»="" عندما="" كتب="" عن="" تاريخ="" العرب="" وهل="" يمكن="" أن="" يكون="" لدينا="" جرأة="" مماثلة="" لجرأة="" المستشرق="" «تيودور="" نولدكه»="" عندما="" كتب="" تاريخ="" القرآن،="" فنكتب="" مثلًا="" –="" وبموضوعية="" –="" تاريخ="" اليهودية="" أو="" تاريخ="">

أخيرًا كيف لنا أن نعكف على دراسة الآخر ونحن لم نستطع حتى كتابة هذه السطور أن ندرس ونعى ذاتنا بصورة موضوعية وحقيقية؟

ربما تكون الأسئلة أكثر إثارة لعقولنا المستريحة والمسترخية فى ظلال المسلمات والمصادرات، ربما تكون الأسئلة ناقوسًا يوقظنا من غفلتنا ومن غيبتنا ومن نرجسيتنا العمياء.