رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«شذاذ آفاق» أو «شذاذ الآفاق» مصطلح تحقيرى، يصلح لوصف المؤلفة قلوبهم إخوانياً، ماسكين فى قصة أكبر سجن فى مصر «مركز الإصلاح والتأهيل بوادى النطرون»، ونازلين تنكيت وتبكيت، ونواح وعويل، وكأن ميتاً لهم مات سقوطاً فى المجارى.

كل من تحمس للمركز الجديد وبارك جهود إنشائه، وتبين المغزى الكامن فى إقامة هذا الصرح الإصلاحى التأهيلى، يعلم علم اليقين من مفرداته البنائية (كما اطلع عليها السفراء الأجانب ووسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية) يصب فى مصلحة السجناء.

حقوق السجناء من حقوق الإنسان، الحق فى الإقامة الجيدة، والتغذية المقننة، والرعاية الصحية والنفسية، والزيارة والتواصل والاتصال مع الأسرة فى أجواء طبيعية، والتريض والهوايات، الفنية والرياضية، وغيرها مما نصت عليه وثائق الأمم المتحدة ما اصطلح عليه «قواعد نيسلون مانديلا»، تكريماً لإرث رئيس جنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، الذى قضى ٢٧ سنة فى السجن فى سياق كفاحه فى سبيل حقوق الإنسان العالمية وتعزيز ظروف السجن الإنسانية، وإذكاء الوعى باستمرار كون السجناء جزءًا من المجتمع، وتقدير عمل موظفى السجون بوصفه خدمة اجتماعية ذات أهمية خاصة.

ومن أقواله المأثورة فى هذا السياق: «يقال إن المرء لا يعرف أمة ما من الأمم إلا إذا دخل سجونها، فالحكم على الأمم لا ينبغى أن يرتكز على معاملتها لموطنيها، ولكن على معاملتها لمن فى المستويات الدنيا».

قواعد مانديلا حكمت هذا المركز الذى يشغل مساحة ٤٧٥ فداناً، ويستوعب ٢٥ فى المائة من سجناء المحروسة، فى بيئة نظيفة تماماً من أمراض السجون القديمة المتوطنة، يدار بعقلية احترافية وفق منظومة حقوقية تقوم عليها عقول احترافية.

السجن وحده عقوبة، وليس من العدل مضاعفاتها بانتقاص حقوق السجناء، إقامة المركز الجديد ليس لاستيعاب المزيد من السجناء، كما يزعمون فى منافيهم البعيدة، تحسين جودة السجون المصرية واجب مستوجب، ومطلب رئيس للمنظمات الحقوقية، والاستجابة لهذا المطلب وإقامة هذا المركز ايجابية مقدرة، يحل محل ١٢ سجناً قديماً كانت محل شكوى دايمة، وزحفت عليها الكثافات السكانية، صارت فى قلب المدن، ما يؤثر على الاحترازات الأمنية فى نقل المساجين من وإلى قاعات المحاكم.

 اللواء طارق مرزوق مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية يقول بإنشاء مركز الإصلاح والتأهيل – وادى النطرون والذى سيتم عقب التشغيل الكامل له غلق ١٢ سجناً تمثل ٢٥٪، من إجمالى عدد السجون العمومية فى مصر، وهى «استئناف القاهرة – ليمان طرة – القاهرة بطرة – بنها – الإسكندرية – طنطا العمومى – المنصورة – شبين الكوم – الزقازيق– دمنهور القديم – معسكر العمل بالبحيرة – المنيا العمومى».

مركز الإصلاح والتأهيل، السجن يبان من عنوانه كما يقولون، والعنوان ينسخ فكرة السجون القديمة بأمراضها المتوطنة والسارية، نقلة استثنائية، تصميم وطنى معتبر وفق مواصفات عالمية، جرى دراسة أنظمة السجون الأمريكية والأوربية، واستحسن نسق السجون الأمريكية التى تستخدم الوسائل التكنولوجية العصرية، والمناهج الحقوقية.

المركز الجديد يلبى حاجات السجناء جميعاً، واللافت أنه مجمع متكامل، خلاف أجنحة الإقامة المحترمة إنسانياً، هناك قاعات للمحاكم، ومستشفى يضاهى المستشفيات الخاصة، ومسجد وكنيسة، أول مرة فى السجون تنشئ كنيسة بجوار المسجد، العبادة وتأدية الفروض من حق كل سجين.

والمفرح قاعات الهوايات رسم ونحت وموسيقى، فرقة السجون الموسيقية تجتهد فى التدريبات، وتغنى أملاً فى مستقبل أفضل، يا أغلى اسم فى الوجود.

قاعات السينما والمسرح والمكتبة، فضلاً عن الملاعب، هذا ما كان ينقص السجون القديمة الضيقة التى بنيت فى الماضى، ولم تعد تستوعب التطور الحادث فى الجريمة بأساليب عقابية حديثة تراعى حقوق الإنسان الأساسية. السجون ليست تهذيب وإصلاح فحسب، وفق المنظومة العقابية الحديثة.. تهذيب وإصلاح.. وإنتاج، المركز كما شاهدنا يضم صوباً زراعية، ومزارع داجنة وحيوانية، ومدرسة صناعية وأخرى زراعية، وورش حرفية، لاستيعاب قدرات السجناء الإنتاجية، يأكلون مما يزرعون وينتجون، التأهيل المهنى والحرفى يمكنهم من مهنة وحرفة لزوم الحياة الكريمة بعد قضاء العقوبة.