رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

هو واحد من جيل الدارسين المبدعين فى الأدب الشعبى والمعتقدات البحثية وعلم الفولكلور وسوسيولوجيا الفولكلور والفنون الحركية الشعبية. نشأ فى بيئة صعيدية بطبيعتها الخشنة وصلابة أبنائها وعنفوانهم، وإيمانهم المُطلق بطاقاتهم الإبداعية ومواهبهم الكامنة، التى تنتظر الفرصة للانطلاق ولا تدخر وسعاً من الجهد والوقت كى تُثبت جدارتها فيما تميزت فيه.

صلاح الراوى، نموذج لموهبة كبرى عطلتها ظروف الحياة الصعبة عن الظهور المُبكر آنذاك، بسبب إنشغاله كعامل فى مشروع السد العالى، وإيمانه بالحُلم والتشييد والانتصار، كغيره من ملايين العمال الآملين فى مستقبل أكثر استقراراً وأماناً بعد عناء طويل, ورغم ذلك لم يفارق حُلم الدراسة ودخول الجامعة والوقوف على ربوة العلم العالية , فظل يتمسك بالصبر والمُثابرة، ويجتهد فى المذاكرة والتحصيل حتى التحق بكلية الآداب، وتخرج فيها بتقدير جيد جداً فى أوائل السبعينيات من القرن الماضى، وعمل مدرساً لمدة خمس سنوات فقط من عام 1972 إلى عام 1977، لكنه لم يقنع بدوره كمدرس، فطموحه كان أكبر من حيز العمل الوظيفى التقليدى والروتينى، حسب وجهة نظره.

ولأن «الراوى» اسماً ولقباً يرتبط بالحكى والقص والرواية، فقد كان له من اسمه نصيب، لذا اهتم بفكرة البحث والتقصى، وارتبط بالواقع الاجتماعى وهموم الناس ومشكلاتهم، ارتباطاً وثيقاً، فدفعه الشغف بالمعلومات والحكايات إلى العمل بمهنة الصحافة، فالتحق بجريدة «الجمهورية» فى عام 1977 للعمل محرراً، وكانت تلك هى البداية الحقيقية ومفتاح الدخول إلى عالم الفلكلور الشعبى والأساطير والخرافة والخيال، ذلك المجال النوعى الأخاذ الذى تخصص فيه بعد ذلك فأصبح علماً من أعلامه البارزين والمهمين.

ومع أن «الراوى» أحب مجال الصحافة وتكيف معه تكيفاً تاماً، إلا أنه لم يستمر أيضاً محرراً، ولم يعول كثيراً على فكرة الترقى الوظيفى داخل الجريدة الحكومية الرسمية آن ذاك، ليُصبح رئيساً للتحرير كطموح يراود دائماً العاملين فى المؤسسات الصحافية، ويرجع ذلك إلى غوايته للعمل الإبداعى وارتباطه بهمه الأساسى كباحث فى الفلكلور المصرى والفن الشعبى، الذى يعكس ثقافة البسطاء ويجسد التراث القديم الدال على هُوية الناس الاجتماعية وعاداتهم وتقاليدهم ومعارفهم وخبراتهم وميولهم وانتماءاتهم.

 ولأن هذه الرغبة كانت أصيلة فى تكوينه الإنسانى والثقافى، فلم يستطع الانفصال عنها وآثر أن تكون دافعه للمزيد من الاطلاع والمعرفة، وبالفعل قادته رغبته القوية إلى العمل باحثاً فى مركز دراسات الفنون الشعبية، وكان ذلك فى عام 1980 وظل يعمل فى المركز لعدة سنوات متتالية، وكان حينئذ قد حصل على درجة الماجستير فى الأدب العربى من جامعة القاهرة بتقدير امتياز، وتم انتدابه لتدريس مادتى الأدب الشعبى وعلم الفلكلور فى المعهد العالى للفنون الشعبية.

وخلال المسيرة العلمية الطويلة، اجتاز الشاب الصعيدى الحواجز والعوائق، فنال درجة الدكتوراه فى الأدب الشعبى بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وانضم للأسرة العلمية فى مجاله الإبداعى والفنى الفريد، وبات منوطاً به تدريس علم تشكيل الحكاية الخرافية والأسطورية، وهو المجال الذى استهدفه من البداية وقطع أشواطاً طويلة وعسيرة على طريقه، حتى صار واحداً من رواده البارزين فهو المجال النوعى التخصصى النادروالاستثنائى.

 وعبر رحلته العلمية والدراسية تعددت إسهاماته كأستاذ لمادة الفلكلور الشعبى والمُعتقدات الشعبية وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2015 وانتهت مسيرته الحياتية قبل أن ينتهى الحكى, ليترك فراغاً كبيراً لا أظن أن يسده أحد, ومع ذلك فنحن فى انتظار من يعوضنا عنه من تلاميذ الذين تعلموا منه الصبر والمثابرة والوصول إلى الهدف المنشود ولو بعد حين.

[email protected]