«بينى وبين الفساد خصومة « هى الجملة التى اشبه بصرخة اطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى افتتاح اكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحى فى منطقة بحر البقر بالشرقية.
وهذه الصرخة تلخص الجدية الواضحة لدى الرئيس فى مكافحة الفساد بكافة أشكاله وانواعه.. ولن اقول جديدا عندما اصف الفساد بأنه أفة العصر وان لوبيات الفساد فى كل مكان تعمل بالتنسيق مع جماعات الارهاب.. والقضاء على الفساد او على الاقل التقليل من حجمه يحتاج الى جهود جبارة وخطوات سريعة وعاجلة.
والحسم الذى ظهر فى كلمة الرئيس يجب ان ينعكس على اداء كل مسئول فى مصر وعلى كل من يملك إصدار قرار.. ويحتاج الى تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التى منذ اقرارها فى عام 2014 لم نسمع ماذا تم فيها وماهى الأنشطة التى تم تنفيذها وماهى القوانين والاجراءات الوقائية لمكافحة الفساد وما هى حصيلة عملها حتى الان.
فقضية مكافحة الفساد لاتتم بالشعارات ولكن تحتاج الى عمل جدى على الارض وتحتاج ايضا الى مجموعة من القوانين التى تقى المجتمع من الفساد وهى منصوص عليها على سبيل الحصر فى الاتفاقية الاممية لمكافحة الفساد والتى تعد قانونا مصريا منذ ان صدق عليها البرلمان ونشرت فى الجريدة الرسمية فى عام 2005
ومنذ النشر طالبنا بضرورة إصدار قوانين ديمقراطية لحرية تداول المعلومات واخر لمنع تضارب المصالح يكون أكثر وضوحا من المواد المتناثرة فى عدد من القوانين.. وقانون لحماية المبلغين عن الفساد والشهود فى قضايا الفساد والاهم إنشاء الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد وتمثل فيها جميع الأطراف المسئولة عن مكافحة الفساد واقصد هنا الحكومة والبرلمان والقضاء والمجتمع المدنى والاعلام وهم شركاء فى مكافحة الفساد وفق الاتفاقية وهذه الهيئة لها أدوار محددة فى الاتفاقية وهى اساس تطبيقها
فالرئيس يريد محاربة الفساد والشعب يريد، فمن له مصلحة فى ابطاء هذه الحرب وهو ما انعكس على موقع مصرفى مؤشر مدركات الفساد الذى تصدره منظمة الشفافية الدولية كل عام فى اليوم العالمى لمكافحة الفساد فى 9 ديسمبر من كل عام
ومحاربة الفساد مرتبط ايضا بوضعية حقوق الانسان فى اى مجتمع لذا اختارت الامم المتحدة يوم 9 ديسمبر اى قبل اليوم التالى وهو يوم 10 ديسمبر وهو اليوم العالمى لحقوق الانسان.. فالمجتمع الدولى ربط بين الاثنين فأى مجتمع يحترم حقوق الانسان تكون نسب الفساد فيه اقل.. وسهل جدا فيه فضح وكشف الفاسدين وتوعية المواطنين بالاضرار على الفساد ووجوب الابلاغ عنه.
ومحاربة الفساد تتطلب عدم تحصين اى فاسد مهما كان منصبه ومهما كان دوره وبالتالى لابد من اطلاق يد الأجهزة الرقابية فى مكافحته والتصدى له فمثلما نصت الاتفاقية على الوقاية كسلاح مهم لمنع الفساد لكنها ايضا طالبت باستقلال أجهزة مكافحة الفساد حتى تقوم بدورها على اكمل وجه والا تسقط جريمة الفساد بالتقادم باعتبارها جريمة دولية حتى لو وقعت فى بلد معين.
نحن نريد ان نترجم صرخة الرئيس السيسى الى واقع و قوانين واجراءات على الارض حتى يشعر الناس ان هناك جدية من المسئولين مثلما شعروا بها عندما قال الرئيس جملته الشهيرة.. وقتها سوف نحقق قفزات وانتصارات فى هذه الحرب الطويلة والمستمرة طالما وجد البشر.