رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

فى الوقت الذى تحل على العالم الذكرى العشرون لأحداث الحادى عشر من سبتمبر الدامية تحتفل جماعة طالبان الإرهابية بجلاء القوات الأمريكية عن أفغانستان، وعودتها مرة أخرى إلى موطنها الأصلى!

ولا شك أن أحداث سبتمبر تعتبر أكبر حدث إرهابى فى العصر الحديث، رغم أنها أحداث لم تكن منفصلة عن غيرها من أحداث إرهابية خاصة الاغتيال الدراماتيكى للرئيس المصرى محمد أنور السادات، ومع ذلك فإن أحداث 11 سبتمبر اتسمت بالمباغتة الشديدة والدهشة والإبهار، وحداثة (بمعنى إبداع) التنفيذ، وهى عملية تستعير أدائها وأسلوبها من سيناريوهات الأفلام الأمريكية، فهى تنطوى على قدر عالٍ جدًا من الفانتازم، فضلًا عن قدر عالٍ جدًا من الرمزية والدلالات الموحية، فهى– على حد تعبير الفيلسوف جاك دريدا– قد صوبت سلاحها وأصابت القلب أو على وجه الدقة الهامة الرمزية للنظام العالمى الجديد. وقد تيسر لهذا الانتحار المزدوج أن يصيب موضعين رمزيين وجوهريين فى الجسد الأمريكي: أولًا الموضع الاقتصادى أى عاصمة رأس المال العالمى (مركز التجارة العالمى، باعتباره النمط الأصلى لمثل هذه المراكز التى توجد فى أكثر من مكان فى العالم)، أما الثانى فهو الموضع العسكرى (البنتاجون)، الذى يقع على مقربة من مقر الكونجرس الأمريكى.

إن ما يعطى لحدث 11 سبتمبر أهمية خاصة، هو أنه كان تعبيرًا عن تحولات عديدة فى أسلوب وأداء وأهداف الحركات الأصولية المعاصرة، وهى تحولات تفجر عشرات الأسئلة المرعبة حول المستقبل المجهول الذى ينتظر هذا العالم الجديد المزدان بكل مساحيق الحداثة وما بعدها والعولمة والكونية والكوكبية ولكنه ربما يحمل فى أحشائه بذور فنائه وعناصر موته!

ويرصد نبيل عبدالفتاح فى كتابه «سياسات الأديان» أهم التحولات والمتغيرات التى حدثت بعد 11 سبتمبر فيما يلي:-

< تطور="" أدائى="" لا="" تخطئه="" عين="" الباحث،="" ثم="" تخطيط="" متميز،="" وقدرة="" على="" التعامل="" مع="" أهداف="" متحركة="" على="" مسرح="" عمليات="">

•     اتساع نطاق العمليات الإرهابية لتلك الجماعات من المجال الضيق والمحدود لصراعها ضد أنظمتها ورموزها السياسية القائمة إلى مسارح عمليات أوسع وصراعات أبعد تأثيرًا، وجاء هذا التطور نتيجة تراكم الخبرات التاريخية والقتالية، ونتيجة للتطور المعلوماتى والتقنى الذى ساعد على فاعلية الاتصال بين الخلايا العنقودية المتناثرة وبين قياداتها ورؤوسها المحركة.

•     ويرى بعض المحللين أن العديد من ردود الأفعال والتصريحات والخطابات الرسمية وغير الرسمية قد استندت (بوعى أو لاوعي) على مقولة «هنتنجتون» والخاصة بصدام الحضارات. وقد عبر جورج بوش فى البدايات الأولى للأزمة عن هذا المعنى، حيث استخدم مصطلح «الحرب الصليبية» فى وصفه للحرب ضد الإرهاب وضد الدول التى ترعاه، بل تورط فى تقسيم العالم إلى معسكرين: إحداهما للحضارة والحرية، والآخر للبربرية والديكتاتورية، وفى مقابل ذلك خرج أسامة بن لادن ليعلن على الملأ أن الأحداث قسمت العالم إلى فريقين أحدهما للمسلمين المؤمنين المجاهدين، والآخر للكفار الصليبيين. ثم جاءت الحملة العسكرية الأمريكية على الإرهاب فى أفغانستان فى أكتوبر 2001 وربما فى غيرها من البلدان الأخرى لتؤكد هذا الصراع أو الصدام بين الحضارات أو إن شئنا الدقة بين القداسات.

والآن وبعد عقدين من ذكرى 11 سبتمبر وغزو أمريكا لأفغانستان بدعوى دحر الإرهاب يبقى السؤال: هل نجحت أمريكا فى أن تستأصل الإرهاب الدينى الإسلامى من العالم، هل نجحت فى تقليم أظافر طالبان؟ هل انتهى خطر تنظيم القاعدة؟ ثم ماذا عن داعش التى فاقت فى خطورتها تنظيمى طالبان والقاعدة؟ ألم يكن لأمريكا وحليفاتها دور تآمرى فى خلق وإنعاش هذه الكيانات الإرهابية الجديدة؟

لا شك أن المستقبل يحمل إمكانيات لا محدودة لكافة الاحتمالات والرهانات، ولذلك فإن أكثر ما يخشاه المرء أن يصبح 11 سبتمبر مجرد ذكرى، وحدث تافه وتقليدى يضاف إلى أرشيف العنف القديم، وربما نستيقظ ذات يوم على عملية إرهابية كبرى تكون أشد سوءًا وأعمق تأثيرًا وأوسع دمارًا، عملية قد تصيب المخيلة البشرية بصدمة غير معهودة، تجعلنا نترحم على 11 سبتمبر، ونقول إنه حدث ينتمى إلى عصر طيب وإلى زمن جميل!!