عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

قد مات قوم وما ماتت فضائلهم، وعاش قوم وهم بين الناس أموات. من النوع الأول أصحاب الفضائل الإنسانية والوطنية الحاج محمود العربى، الذى رحل تاركاً وراءه إرثاً كبيراً من أعمال الخير، عرف حق الدولة، وحق المجتمع عليه، وتحول إلى نموذج مهم من نماذج الوطنية.

ولد شهبندر التجار لأسرة فقيرة بالمنوفية ترك التعليم فى المرحلة الابتدائية، عمل فى القاهرة فى محل صغير للأدوات المكتبية. بدأ حياته بـ40 قرشاً كبائع بالونات وألعاب نارية، وتمكن من خلال عصاميته من تكوين إمبراطوريته الحالية التى تعتبر أحد أكبر الكيانات العاملة فى ملف الصناعة، ساهم فى توفير نحو 40 ألف فرصة عمل، رغم عدم التحاقه بالتعليم العالى، فقد جلس أمامه حملة الدرجات العلمية، وعمل فى مشاريعه الحاصلون على أرقى الدرجات، انحاز للطبقة الشعبية الأصيلة، ولذلك سار خلف جنازته حتى مثواه الأخير كل الطبقات، المواطن الفقير، الموظف والعامل البسيط، كبار الشخصيات، ودعه الآلاف من أبناء قريته أبورقية فى أشمون منوفية، بعد أن حقق لهم كل أحلامهم من مشروعات خدمية ومساعدات مالية شهرية للفقراء.

بنى شهبندر التجار إمبراطوريته من العرق والعمل بشرف وكد، وعاش حتى سمع الرئيس السيسى يتحدث عن الصناعة الوطنية، ويشيد برجال الأعمال الوطنيين، ويؤكد عدم السماح بدخول بضائع إلى مصر إلا وفقاً للمعايير الأوروبية ومطابقة للمواصفات العالمية ليشترى المواطن احتياجاته باطمئنان، كان العربى سعيداً وهو يسمع هذا الكلام من الرئيس السيسى والذى جاء قبل وفاة العربى بأيام، لأن شهبندر التجار لم يكن طرفاً فى سياسة استيراد السداح مداح الذى أدخل إلى البلاد زبالة أوروبا من أغذية وبضائع فاسدة، ولكنه كان حريصاً على الأمانة والشرف والنزاهة. لم يعرف قاموسه الغش ولا ألاعيب شيحة التى كانت تتم خلال هذه الفترة، ولم يقترض من البنوك ولذلك بقيت إمبراطوريته التى شيدها بعرقه وكفاحه شاهدة على إخلاصه للوطن واحترامه قوانين السوق، وقواعد التجارة.

تقلد العربى منصب رئيس اتحاد الغرف التجارية وكان له دور مؤثر فى تطوير الاتحاد وتوطين الصناعة الوطنية، وأطلق أول مجموعة صناعات منزلية وإلكترونية وطنية، كان يتعامل مع عماله كأنهم أبناؤه، يؤمن بأن العامل له حقوق يعيش من خلالها حياة كريمة، يفتح بيتاً، ويكون أسرة، لم يسع للربح على حساب حقوق العمال، كان يعتبر العاملين شركاء معه، وبادله العاملون الشعور نفسه، وتحولت سيرته إلى كنز يرويه كل عامل لأبنائه.

إمبراطورية العربى الصناعية ستظل نموذجاً للصناعة الوطنية التى أسسها رجل عصامى وتحولت إلى واحد من أكبر الكيانات العاملة فى ملف الصناعة والتجارة بمصر المالكة لتوكيلات شارب وتوشيبا وسيكو وغيرها، كما سيظل اسم العربى يتردد عندما يتم ذكر الشرفاء فى هذا الوطن الذين بدأوا من الصفر، ولم يتهربوا من الضرائب، ولم ترد أسماؤهم فى كشوف البركة، ولا فى قضايا المال العام، العربى مدرسة اقتصادية متفردة، تصلح للدراسة والبناء عليها فى القطاع الخاص الذى تسعى الدولة إلى تشجيعه، للقيام بالدور المطلوب فى مساندة الدولة الحديثة، القطاع الخاص الوطنى مطلوب فى الجمهورية الجديدة لاستكمال المشروعات التنموية التى تسعى إليها الدولة.

مات العربى صاحب أكبر مؤسسة اقتصادية مصرية ولم ينقطع عمله من صدقة جارية وولد صالح يدعو له، وعلم يُنتفع به، رحمه الله بقدر البيوت التى فتحها، والمشروعات الخيرية التى تبناها بماله، والخدمات الإنسانية التى قدمها لأبناء وطنه، فقد تاجر مع الله، وراجت تجارته الحلال. والآن يراها في عيون ودعته بصدق إلى مثواه الأخير. أهل الفضل باقون.