رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلة

 

لدينا فى صعيد مصر مجموعة من الأمثال الشعبية المعبرة عن بعض القضايا تعبيرا موجزا لا تعبر عنه آلاف الكلمات. من هذه الأمثال ذلك المثل الذى يقول بالعامية «وانت رايح كتر من الفضايح» وهو باللغة العربية الفصحى «وأنت رائح أكثر من الفضائح» وهو مثل يعبر عن انحطاط أخلاقى، حيث يتعمد البعض عند مغادرة أماكن أو مفارقة أشخاص إظهار أسوأ ما فى صفاتهم وأخلاقهم اعتمادا على أنهم لن يعودوا لهذا المكان مرة أخرى كما أنهم لن يروا هؤلاء الأشخاص مجددا.

يتجلى هذا الانحطاط بالذات عند هؤلاء الذين اعتادوا على اغتصاب حقوق الناس خاصة لو كانت أراضى مثلا أو أى أشياء مادية فإذا ما تم إجبارهم على الجلاء سواء نتيجة صفقات خسيسة أو هزيمة نكراء كان نتيجتها الحتمية الخضوع للأمر الواقع وترك الأرض لأصحابها ظهر معدنهم الخسيس وراحوا قبيل الرحيل يعيثون فى الأرض فسادا، يقتلعون الزروع ويهدمون المبانى ويخربون المنشآت وفعلوا كل ما تسول لهم أنفسهم المريضة من أفعال وضيعة خسيسة يظهرها حقدهم الدفين على أصحاب الأرض الأصليين.

فعلوها من قبل الصهاينة المحتلون وهم يغادرون مرغمين أرض سيناء الحبيبة التى استعدنا بعضها بعد حرب أكتوبر المجيدة وبقيتها باتفاقية السلام. ورغم أن عنوانها اتفاقية السلام، إلا أن هؤلاء الأوغاد لا يعرفون شيئا عن السلام الذى يتشدقون به، وعندما أجبرتهم الاتفاقية على مغادرة سيناء قاموا قبيل مغادرتهم بتدمير قرى بأكملها عن بكرة أبيها وساووها بالأرض. حتى عندما ظلوا يماطلون ويسوفون فى تسليم طابا وبعد أن حكمت المحاكم الدولية بأحقية مصر فى طابا أبى المحتل الصهيونى إلا أن يثبت للعالم كله انحطاطه المتجذر عندما قاموا قبيل مغادرتهم بتدمير معالم طابا السياحية وفى القلب منها ذلك الأوتيل الفخيم والذى نسفوه بكل غل وحقد.

وهذا درس جديد فى الخسة والانحطاط يقدمه نفر يمثل المحتل الأمريكى الذى جثم على أنفاس أفغانستان طيلة العشرين سنة الماضية ثم انسحب بعد هزيمة نكراء انتصر فيها أصحاب الأرض الأصليون سواء اتفقنا أو اختلفنا مع توجهاتهم ومع طريقة حكمهم للبلاد. وبدلا من الانسحاب الراقى والحرص حتى على ترك ذكرى طيبة تجعل بعض أبناء أفغانستان ربما يترحمون على يوم من أيام وجودهم مقارنة بما يمكن أن تفعله طالبان بالشعب الأفغاني، إذا بالجنود الأمريكيين وهم يغادرون كابول يدمرون البنية التحتية فى مطار العاصمة ويحطمون الطائرات الموجودة على الممرات، ولم يكتف بعضهم بذلك بل وصل بهم الانحطاط أن قام بعضهم بالتبول على أرض مطار كابول ليكون آخر تذكار يتركه الجنود الأمريكيون لأصحاب الأرض هو أقذر شىء فيهم.

هذا التصرف ينسف تلك الادعاءات التى يحاول الإعلام الأمريكى والسينما الأمريكية بثها للعالم كله عن حب الأمريكان للحرية واستعدادهم لمساندة أى شخص فى العالم يناضل من اجل حريته، فإذا بكل ذلك مجرد أكاذيب للاستهلاك العالمى تحاول أمريكا من خلالها إخفاء وجهها القبيح الذى يدعم العنصرية ويساند المحتلين مثلما تفعل مع إسرائيل التى تحتل الأراضى الفلسطينية والسورية تحت مرأى ومسمع أمريكا وحلفائها وتشجيع منها دون ان يجرؤ أحد على توجيه أصابع اتهام صوب المتهم الحقيقى الذى قبل أن يفرغ من ضحية يبحث عن أخري. بعد أن نجح فى إقناع العالم كله بأنه البعبع الذى لا يقاوم بينما أثبتت طالبان بالدليل العملى بأنهم مجرد حفنة من الجبناء الذين يفرون مذعورين إذا واجهوا أصحاب قضية يؤمنون حقا بقضيتهم. ولعلنا كعرب نعيى الدرس هذه المرة، وإن كنت شخصيا أشك!

[email protected]