رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ناس طيبة سكنت بيوت ناس طيبة فى زمن طيب، والفصل بين الطيبين ليس بتأجيل القضية، أو تعمد تعطيلها، أو الانحياز لفريق ضد الآخر، الفريقان حالتهما تصعب على الكافر، ويحتاجان لمن يمد يده بالمساعدة القانونية، وانتشالهما من لُجة الموج الصاخب حول هذه القضية.

فى حفل إفطار الأسرة المصرية الأخير، لمس الرئيس السيسى قضية قانون الإيجار القديم بقوله: «فيه شقق فى وسط البلد إيجارها ٢٠ جنيهًا وقيمتها ملايين، من حق المواطن يقعد فيها، لكن من حق صاحبها أيضًا يستمتع بقيمتها».

كيف يمكن التوفيق بين رغبتين متعارضتين، بل متصادمتين، الملاك يطلبون حقاً، والمستأجرون مستمسكون بحقهم، زيادة الإيجارات قد توفر حلاً، ولكن ما مقدارها، إن الاقتراحات تشابهت علينا..

حديث الرئيس عن شقق وسط البلد ينسحب على شقق البلد المستأجرة جميعها، الإيجارات القديمة إجمالاً تحتاج إلى إعادة نظر، وحلول عادلة، تراعى الحقوق جميعاً حق الملاك، وحق المستأجرين، دون إنكار حق، ودون انحيازات مسبقة، ووفق قاعدة معلومات يقينية ترسم صورة واقعية لخريطة الإيجارات القديمة قبل دخول مشروعات القوانين الجاهزة إلى مجلس النواب.

وليعلم المتحمسون من النواب على الجانبين، أن الاحتراب على أشده، ومثل هذه مشاريع قوانين تقع فوق فالق مجتمعى، صدع فى القشرة المجتمعية قد يخلّف ارتدادات سياسية.

الناس قسمان، وكلٌّ يزعم حقاً، ويطلب حقه، ولن يرضى بحلول لا تراعى الحالة، ليس كل المستأجرين فى وضعية تمكنهم من تلبية الزيادات المقترحة، وبعض الملاك لا ترضيهم الزيادات المقترحة.

يقيناً هناك حل، فقط يحتاج إلى خيال يراعى المصالح المتعارضة، علمًا بأن التأخير يعقد المشكلة أكثر مما هى معقدة، والتعجل قد يفاقمها، لذا الأمر يحتاج لحوار يسبق الحل بسقف زمنى.

القضية يستوجب أن تحال إلى مجلس الشيوخ قبل النواب، نحتاج إلى حوار يتوفر عليه حكماء مجلس الشيوخ، لإنضاج مشروع قانون رحيم بالطرفين، مهمة تليق بمجلس الشيوخ، مهمة محفوفة بالقلق المشروع، مشروع قانون يمس أوضاعاً مستقرة منذ عقود، ويمس ملايين من الآمنين فى بيوتهم، سيخلف آثارًا مجتمعية تستوجب الحذر.

هناك رفض صارخ من مجتمع المستأجرين للمساس بالإيجارات القديمة فى ظل أوضاع معيشية غاية الصعوبة، فى المقابل أوضاع الملاك فى غاية الصعوبة أيضاً، بعضهم يترجون الله فى حق النشوق، وهم بملكياتهم القديمة أثرياء على الورق، ولكنهم فقراء إلى الله، ويطالبون بالإنصاف.

من يتحمل فاتورة الإنصاف، هذه هى المشكلة التى يستوجب البحث لها عن حلول واقعية عبر حوار مجتمعى شفاف قبل الإقدام على تمرير قانون أشبه بقنبلة موقوتة قد تنفجر فى وجوهنا.

فى قضية الإيجارات القديمة، وهى قضية خطيرة، يستوجب على مجلس الشيوخ التروى وإقامة حوار ثنائى بين تكتلات المستأجرين والملاك، الاحتراب على أشده، وسبل الحوار متقطعة، أقرب لمعركة مكتومة ستنفجر حتماً إذا ما قرر مجلس النواب مناقشة مشروعات القوانين التى يقدمها نوابه انحيازاً للبعض فى مواجهة البعض.

بعضى يمزق بعضى، هذا هو حال العلاقة بين المستأجرين والملاك، وهذا الحكى لا يدخل فى باب التخويف والترهيب، ولكنه مدعاة للتفكر والتدبر والوقوف على حروف القانون.

ويستوجب مجتمعياً أن يقف الطرفان الملاك والمستأجرون كلاهما موقف الآخر، وليعذر بعضهما بعضًا، وليضع كل منهما نفسه مكان الآخر ويرى هل هذا من العدل فى شىء أن يظل الحال على حاله دون تحريك عادل، هل يقبلها المستأجر على نفسه إذا كان مالكًا، هل يقبلها المالك على نفسه إذا كان مستأجرًا، هل يقبلها أحدهما على الآخر؟

حط نفسك مكانه قبل أن تظلمه أو تظلم نفسك، برفض القانون، شعار لا مساس فى ضرر بليغ ويفارق العدل فى تجليه الأرضى، وبهدوء، لو كنت مالكًا، هل تقبل على مستأجر أن يهجر مسكنه الذى مضى فيه جل عمره، وعاش بين جدرانه الأربعة، وفيه ذكرياته وأفراحه وأتراحه، وأيام عمره منقوشة على الجدران.

لو كنت مالكًا، وتطلب إخلاء أو تحريكًا فى الإيجارات، لماذا لا يكون باتفاق وتفاهم دون افتعال معركة الكل فيها خاسر؟!..

ولو كنت مستأجرًا، هل تقبل على مالك أن يمتلك بيتًا سعره بالملايين وأنت تدفع الملاليم، أن تقبل على نفسك يسرًا ومالك العقار يتسول ثمن الدواء والعلاج، وربما لا يجد مسكنًا لولده، وتكتفى بإلقاء جنيهات قليلة فى وجهه كل شهر أو تسكنها خزانة المحكمة.

ولو كنت مستأجرًا وتعانى شظف العيش، أليس هناك مالك يعانى نفس الظروف القاسية على الجميع، وإذا كنت لا تحتمل تحريكًا، كيف تحتمل عليه ثبات الإيجار فى ظل سعار الأسعار..

دعونا نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً ونتحاور فيما اختلفنا فيه.