رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

 

 

الصديق الوفى المخلص من أعظم نعم المولى عز وجل على الإنسان, يلجأ إليه وقت الضيق والشدة, فيجد عنده السلوى, والسكون, والنصيحة الصادقة, والمرآة اللامعة التى تعكس الصورة الحقيقية دون زيف أو خداع, يتحدث إليه  فيخرج كل ما فى قلبه بلا تردد, ويتعرى أمامه  تمامًا دون  خوف أو حرج, لأنه يوقن أنه يحدث نفسه التى بين جنبيه.

وقد تمضى رحلة الحياة - أيًا كان مقدارها - ولا تخرج منها بصديق واحد, ولذلك وصف بأحد المستحيلات الثلاثة «الغول والعنقاء والخل الوفى», لصعوبة العثور عليه خاصة فى زمن عز فيه الرجال , وقل الوفاء, وذهبت السجايا الحميدة إلى غير رجعة, وأصبح البحث عنها دربا من الخيال.

وقد رزقنى الله بعدد من الأصدقاء على رأسهم زميلى وصديقى الذى تمر ذكراه الأولى اليوم  مصطفى أبو حلوة, كان له نصيب كبير من اسمه, فهو مصطفى بالفعل , متسامح مع جميع المخلوقات، راض بما قسم الله له، لا تشغله إطلاقا دنيا البشر، فهو يعرف ماذا يريد منها ولذك لم يلهث وراءها، يكفيه منها القليل، همه الحقيقى رضاء ربه، غايته سعادة الناس بكل وسيلة يمتلكها , اختاره المولى عز وجل لقضاء مصالح عباده من خلال عمله فى باب متاعب الناس بجريدة الوفد, فوجد فيه ضالته المنشودة، وبذل جهدًا جبارًا فى إدخال السعادة على وجوه الناس, فكان بلسمًا للجراح, يستقبل زواره هاشا باشا , يفعل كل ما وسعه لإرضائهم, ويسعد برسم البسمة على وجوههم, ويحتسب عمله كله عند الله.

رفض بشدة  الانتقال إلى وظيفة أخرى, وظل متمسكاً بخدمة الضعفاء والمكروبين حتى آخر لحظات حياته، ونذر نفسه لهذه المهمة الجليلة التى كان يرى سعادته الحقيقية فى إنجازها, لإيمانه  العميق أن «جبر الخواطر» عبادة مهجورة وصفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين، وخلق عظيم، لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة، ومن أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المسلمين، عبادة جليلة أمر بها الدين وتخلق بها سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم,  بها تنال الدرجات، وترفع المقامات وتثمر التحاب والتآلف، وأيقن أنها من العبادات المهمة لما لها من ثواب كبير عند الله- عز وجل- ولكن يغفلها الكثير.

«أبو حلوة» نوع من البشر ندر وجوده ، أو قل انعدم، فى زمن المصالح والمنافع وما يتخللهما من كذب ونفاق وخداع وبيع كل شىء، والتضحية بأى شىء, متصالح لأقصى درجة مع نفسه, قانع برزقه تماما لأنه يعلم أنه من ربه, لا يرجو من دنيا الناس إلا الصحة والستر, لا يشغله ما يشغل جميع أقرانه , ولا يعنيه إلا رضا الله وإسعاد الناس.

عاش عمره بقلب طفل, وصفاء نفس, ونقاء قلب, لا تكاد تشعر بوجوده, فهو كالطيف يأتيك لحظات معدودة ينشر خلالها البهجة والفرحة والسعادة، فإذا ما تنبهت تركك ومضى لينشرها فى مكان آخر, لا تسمع منه غيبة أو نميمة , شعاره دائما» دع الملك للمالك» , حتى صارت قاعدة يسير عليها فى حياته، عاش مسالما متصالحا مع نفسه فصارت  نفسه مطمئنة تعينه على طاعة ربه وتبعده عن كل ما يغضبه,لا يحزن على شىء ضاع منه لأنه يعلم أنه ليس نصيبه, ولا يفرح بما أتى له لأنه يعلم أنه زائل.

رحل فى خير أيام الله, وفى الساعات الأولى من يوم التضحية والفداء لبى نداء  ربه راضيا مرضيا ليختتم حياته بهدوء كما عاشها, وتركنا نعيش على ذكراه العطرة, وسيرته الطيبة, وسجاياه الحميدة, وننتظر أن يعوضنا المولى عز وجل عنه خيرا.

[email protected]