رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

 

لمن لا يعرف القصة وراء إنشاء موقع الفيس بوك، فهى تعود لمارك واثنين من زملائه قاموا بإنشاء موقع ولكنه خاص على طلبة جامعتهم هارفارد، ومن ثمّ بدأ المشروع يكبر تدريجيًّا حتّى وصل إلى جميع أنحاء العالم، ومن الجدير بالذكر أن تلك المواقع التى من المفترض أنها وسيلة للتواصل ولكن أرى أنها وسيلة للتباعد، فكم من علاقات انقطعت بسبب تلك المواقع؟ كم من سوء فهم حدث بسبب قراءة رسالة بدون رؤية الشخص أو سماع نبرة صوته؟

كم من سوء ظن وخلافات حدثت بسبب التأخر فى الرد أو عدم الرد مما أدى إلى قطع العلاقات؟ كم من إثارة نار الغيرة والحقد بسبب نشر أحدهم حياته الخاصة بكل تفاصيلها! كيف يقضى يومه؟ وكيف يعيش؟ وماذا يأكل؟ وماذا يشرب؟ واين يذهب؟ كم من مقارنات حدثت أدت إلى نقم كل شخص على حياته وإحساسه بأنه أقل ممن يرى حياتهم؟ كم من شخص فَقَدَ الإحساس بالرضا والقناعة بسبب تتبع أخبار الغير ومراقبة الآخرين فمن راقب الناس مات همًا! ونسى البعض اثناء مقارنة حياته بحياة الآخرين أنه يقارن حياته بحلوها ومرها بالحياة الجميلة التى ينشرها البعض ويُخبيء الجانب الذى إذا أصفح عنه لأشفق البعض عليه ولا يتمنى يومًا أنه يصبح مكانه!

بالتأكيد لن يستطيع أحد التخلى عن تلك الوسائل لأنها الوسيلة الوحيدة لمواكبة التطور وفى عصر التحول الرقمى أصبح العالم يعتمد على التكنولوجيا بل والتعاملات الحكومية والخاصة أصبحت إلكترونية، ولكن قبل أن يتعامل أحد مع تلك المواقع يجب أن يعلم جيدًا بأن ليس كل ما يراه حقيقيًّا، فليس كل من ينشر صورًا وهو مبتسم ويضحك سعيدًا وحياته خالية من المشاكل!

ليست الصداقة الحقيقية يتم التعبير عنها بالخروجات والتقاط الصور ومن ثم كلام حلو فوق الصور، ليست العلاقات العاطفية بين اى اثنين مخطوبين أو متزوجين عبارة عن صور وكلام حب، فالصداقة الحقيقية مواقف عدة تستطيع بعدها ان تتلفظ بلقب صديق، بل الصداقة الحقيقية تُقاس فى وقت الشدة وليس الفرح ، وليست ايضًا العلاقات العاطفية مقياسها الكلام فقط بل الأفعال التى تستطيع أن تطلق على من تريد الارتباط به بأنه شريك حياتك، فهو من تشعر معه بالأمان والاحتواء والتقدير والاحترام المتبادل، فكم من زوجات نقمن على حياتهن بسبب رؤية إحداهن تنشر صورًا لها مع زوجها جعلتها تشعر بأنها غير سعيدة وقارنت بين حياتها وحياة الآخريات واحيانًا يصل الأمر للانفضال، كم من رجال رأوا صور آخريات فى عصر الفوتوشوب وشعر بأن زوجته أقل جمالًا منهن وبدأ ينقم على حياته ومن ثم الخيانة ثم الانفصال.

يجب أن يعى كل من يتعامل مع تلك الوسائل ماهية تلك الوسائل وما  الاستخدام الصحيح لها، فالقلوب ابتعدت بسبب تلك الوسائل! فقديمًا كان التعبير عن الحب والحزن يُرى ويشعر به الإنسان، أما اليوم فلا أحد يرى ولا يشعر، فسبب نشأة مواقع التواصل الاجتماعى ربط الناس مع بعضهما البعض، ولكن كيف كان يتواصل الناس مع بعضهم البعض قديمًا أى قبل نشأة تلك المواقع، فنشاهد فى الأفلام القديمة يتواصلون عن طريق جوابات عند بُعد المسافة أو باللقاء المباشر أو تليفونيًا، ولكن هل انعدمت تلك الوسائل القديمة؟ الإجابة بالتأكيد النفى، أى مازالت تلك الوسائل متاحة ولكن الأغلبية أدمنوا تلك الوسائل الحديثة واصبحت بالنسبة لهم اكثر سهولة رغم ان الوسائل القديمة تُقرب المسافات والحديثة تُبعد المسافات! فاللقاء وجهًا لوجه يقرب بين اى اثنين، ويزيل سوء التفاهم، بعكس الوسائل الحديثة لا نعلم من الذى يُحدثنا؟ ما يشعر به الآن؟ ماذا يقصد بتلك الجملة التى ارسلها؟ فليست المشكلة فى الوسائل الحديثة للتواصل الاجتماعى بل المشكلة فى سوء استخدامنا لها!

 

 

عضو مجلس النواب