رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

امتزج بمسقط  رأسه، فلا تستطيع التفرقة بينهما ، جمع فى كتاباته بين قدرات كاتب عملاق، ومبدع مرهف الإحساس، ومفكر عميق الفكر، وإنسان قل أن يجود الزمان بمثله.

وعلى الرغم من أن روايته «موسم الهجرة إلى الشمال» اختيرت ضمن أفضل مائة عمل فى تاريخ الإنسانية، يقول بتواضعه الجم «أقول لك صادقاً ليس لديّ أى إحساس بأهمية ما كتبت، ولا أحس أننى مهم، هذا ليس تواضعاً لكنها الحقيقة، إذا اعتقد الناس أن ما كتبته مهم فهذا شأنهم لكننى قطرة فى بحر، قصيدة واحدة للمتنبى تساوى كل ما كتبته وأكثر.

جمع المبدع السودانى الطيب صالح كل خصال الزهد و التواضع انبثقت منهما  البساطة   لتتجسد معانى الاسم (الطيب) فتتطابق حرفياً مع كل معانيه, وهذه الصفات التى ميّزته لم تكن ساكنة، بل كان لها استحقاقات ظل يدفعها طوال عمره وسط دهشة واستغراب الناس.

لم يكن الطيب يملك عربة، ظل لأكثر من خمسين عاماً يستخدم  المواصلات العامة , ولم يكن يتحدث بصوت مرتفع وأهم ما كان يميز كلامه ذلك الصوت الذى ينساب بنغمة واحدة مهما تصاعد الانفعال, وكان أنيقاً جداً ليس فى الملبس فقط , بل حرص على أناقة المفردة , وأناقة الاستشهاد وأناقة التعبير وتوازن الصوت إن لم يكن أنيقاً أيضاً.

هذه الخصال النبيلة كيّفت مزاج الطيب صالح فهو يبحث عن الجمال فى كل إنسان، ولم يتحدث  إطلاقاً بالسلب  عن أى شخص مهما أجمع الناس عليه بالكراهية حتى أنه قال عن إبليس: (يقول الناس الكثير عنه لكن الله أعلم بسريرته)!!

رسّخ «الطيب» صفاته بين كل من ظل يقابلهم منذ دخوله دائرة الضوء  عام 1966 ولأنه سودانى وتلك أيضاً خصال معظم السودانيين بات السودانى موصوفاً بخصال الطيب صالح وسط تلك الأوساط وما أوسعها، فالطيب صالح من المساهمين الأساسيين فى التعريف بالسودان لأكثر من ثلاثين لغة، فهو الذى نقل السودان من مجاهيليته لشمس الإبداع الإنسانى الساطعة.

أطلقت والدته عائشة أحمد زكريا عليه اسم «الطيب» بعد أن فقدت اثنين من أشقائه قبل أن يأتى ، وكان الناس فى قرى شمال السودان، يعتقدون أن «الطيب» اسمًا تحل به البركة إذا كانت الأسرة تفقد مواليدها، والده محمد صالح أحمد، وأهله يتوزعون ما بين «الدبة» و«العفاض» وهى من قرى منطقة مروي.

عاش» الطيب» مثل أهله حياة المزارعين, لذلك يعتقد أن بيئة القرية فى المجتمع المتساكن والمندمج هى التى ستحفزه بعد ذلك بسنوات طويلة على الكتابة «كتبت حتى أقيم جسراً بينى وبين بيئة افتقدتها ولن أعود إليها مرة أخرى. لقد كانت قريتى مختلفة تماماً عن الأمكنة والمدن الأخرى التى عشت فيها، ولاشك أن هذه المنطقة هى التى خلقت عالمى الروائي»

امتلك  الطيب صالح جرأة طرح التساؤلات الصعبة وجرأة الاجابة عنها وجرأة التحليق خارج مسارات السرب ،روائى تسلق سلم الشهرة من خلال روايته “موسم الهجرة إلى الشمال”، والتى اختاراتها الأكاديمية العربية للآداب بدمشق الرواية العربية الأكثر أهمية فى القرن العشرين، كما تم اختيارها من بين أفضل 100 رواية فى التاريخ حيث تم التصويت عليها من قبل 54 كاتبا من بلدان مختلفة فى استطلاع للكتاب عام 2002.

ولد الطيب صالح  في12يوليو 1929، وتوفى فى فبراير عام 2009 عن عمر يناهز 80 عامًا بعد معاناته من فشل كلوى فى مشفى لندن، ونُقل جثمانه إلى السودان ليدفن فى مقبرة البكرى  بأم درمان.

[email protected]