رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

رغم الثوابت القانونية التى يجب مراعاتها نكصت إثيوبيا عن الالتزام بها، وتبنت سياسة عالية المخاطر أرادت من خلالها مصادرة حق دولتى المصب مصر والسودان فى المياه والتحكم أحاديًا فى نهر النيل. ساعدها على المضى فى غلوائها عدم اكتراث المجتمع الدولى بما يحدث، بل ودعمها من قبل عدة دول. ولهذا رفضت الالتزام بالقانون وأدارت الأمور بعدم اتزان، عارضت من خلاله مطالب دولتى المصب بحق الحياة. غاب عنها ما قد يؤول إليه الوضع فى المنطقة من خراب ودمار مع غياب التوصل إلى اتفاق قانونى مرض للجميع. وبالتالى تجاهلت ذلك عن عمد وضربت صفحًا عن تبنى الحلول السياسية وغاب عنها أنها بذلك تفتح المجال باتجاه الحل العسكرى وإشعال فتيل حرب مدمرة ستكون لها تداعياتها الكارثية على الدول الثلاث وعلى القارة الأفريقية.

لقد وقعت مصر فى شرك الخديعة عندما خاضت مفاوضات حول السد الإثيوبى على مدى عقد كامل، حيث انطوت المفاوضات على مظاهر عدة من الخلل الاستراتيجي. ولم تكن هناك إلا ترهات مرسلة، ودفوع غير مؤسسة على ما يحدث على أرض الواقع، ومزاعم باطلة ساقتها إثيوبيا فى معرض دفاعها عما تقوم به فى مشروع السد لتؤكد بأن لها مطلق الحرية فى تنفيذ ما تشاء على أرضها. وبذلك أسقطت من اعتباراتها الأعباء القانونية الدولية التى يتصدرها عدم الإضرار بالغير، خاصة دولتى مصب النهر. أما ما شجع إثيوبيا على أن تمضى فى غلوها وتتعامل مع القضية باعتبارها تحديًا وتتجاوز حقها فى إنشاء السد وتستخدمه كوسيلة للهيمنة على دولتى المصب والتأثير سلبًا على مصالحهما فهو المؤامرة التى تم نسجها، التى بدأت معالمها مع ثورات الربيع العربى منذ 2011، وهو ما سوغ لإثيوبيا أن تمضى فى مشروعها وتعمد إلى تنفيذه وفرض الأمر الواقع على دولتى المصب، فحولت النهر من ساحة للتعاون إلى ساحة للصراع.

اعتمدت إثيوبيا على التسويف، وخرجت عن إطار إعلان المبادئ الذى تم توقيعه فى 27 مارس 2015. أما ما شجعها على ذلك فهو دور أمريكا المشبوه ودعمها لإثيوبيا من وراء الستار، ولذلك كان يتعين على دولتى المصب أخذ الحذر منها لكونها داعمة لإثيوبيا، فلو لم يدرك أبى أحمد محدودية الضغط الأمريكى المتوقع على بلاده ما أقدم على الانسحاب من مباحثات واشنطن التى انطوت على أوجه من الخلل الاستراتيجى، ولما أعلن التحدى بهذه الطريقة. ولهذا استمرت إثيوبيا فى مخططها بعد أن أيقنت عدم وجود ورقة ضغط حقيقية عليها أو سبيل لوقف هذه المهزلة. وبالتالى فإن أمريكا متآمرة لا سيما عندما استبقت الأمور ودعت السودان إلى القبول باتفاق جزئى حول الملء الثانى. أى أنها نسجت على نفس المنوال الذى تريده إثيوبيا بما يؤكد مساندتها لخطتها للهيمنة على النيل وكأنه بحيرة تخصها وحدها. أى أن التآمر الأمريكى هو الذى شجع إثيوبيا على أن تتعامل مع أزمة السد باعتبارها تحديًا، وأن تفتعل مشكلة مع جوارها العربى بلا حكمة وبلا روية، ليغيب عنها أن إدارة السد يجب أن تتم بصورة متفق عليها مع دولتى المصب، وأن ملء السد وتشغيله يجب أن يتم على أساس مبادئ حسن الجوار، وأن علاقات مصر والسودان معها استراتيجية، وأنه كان يتوجب عليها مراعاتها حرصًا على تماسكها داخليًا.