رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

ما لا شك فيه أن أخطرعائق يعيق التنمية والتقدم فى بلادنا هو الترهل الإدارى والبيروقراطية الادارية التى من شأنها دوما أن تلجم أى مدير أو موظف أياً كان مكانه أو وظيفته وتجمد قدرته على التجديد والابداع فى عمله، فهو دائماً فى انتظار التوجيهات من رؤسائه ومديريه الذين عادة ما تعود سلسلة التدرج بينهم لتصل إلى الوزير المختص وربما -ويتم ذلك فى كثير من الأحيان - إلى رئيس الوزراء أو إلى رئيس الدولة ذاته. وليس أدل على تجذر ذلك فى مجتمعنا من أن الناس العاديين لم يعودوا يثقون فى وعود هؤلاء وأولئك من كبار الموظفين والمدراء والوزراء فتجدهم يرفعون أصواتهم بالشكوى مباشرة إلى رئيس الدولة، وكم يكون المرء سعيد الحظ لو أن أذن الرئيس وموظفى القصر الرئاسى كانت معهم والتقطت شكواهم حيث سيتم الاستجابة إليها فى التو واللحظة وينعم الشاكى أو المظلوم بتلبية مطلبه أو بتحقق العدالة والحصول على حقوقه ! ولو دققنا النظر فى مثل هذه الحالات التى يستجيب لها سيادة الرئيس ويرعاها المكتب الرئاسى لوجدنا أنه كان كفيلاً بها مديرية الصحة أو مديرية التضامن الاجتماعى فى هذه المحافظة أو تلك بل ربما كان كفيلاً بحلها رئيس هذا الحى أو ذاك أو عمدة هذه القرية أو تلك!!

واذا كان ذلك يحدث فى كل جوانب الأعمال الادارية فى الدولة من وزارات التعليم والصحة حتى وزارات التموين والتضامن الاجتماعى ويمكننا حتى الآن تقبله والتعايش معه رغم أنه وعلى حد علمى ومن تصريحات السيد الرئيس نفسه لم يُعاقب أحد على اجتهاده فى عمله ومتابعته لمشاكل الناس الآنية وعلى الطبيعه بل على العكس فقد رصدنا كثيرا أن السيد الرئيس كثيراً ما طالب السادة المسئولين أياً كانت مواقعهم دوماً بالتحرك السريع لحل مشاكل الناس كل فى حدود اختصاصه وسلطاته، وكم خاطب الرئيس ضمائر هؤلاء المسئولين وحثهم على العمل الحاسم والسريع لمواجهة أى مشكلات طارئه بل العمل على استباق تلك المشكلات ومواجهة تحدياتها قبل أن تحدث!

أقول إن تلك البيروقراطية وسرعة السلحفاة فى الإنجاز قد تعودنا عليها وتعايشنا معها فى كل ما يتعلق بالشأن العام وفى الكثير من المجالات، لكن الأمر الذى لا يمكن قبوله ولا يصح قبوله فى عصرنا الحالى هو أن يكون فى مصر الآن بيروقراطية إعلامية تنتظر التوجيهات من السلطات الأعلى، فنحن نعيش عصر السماوات المفتوحة وعصر الأقمار الصناعية التى لم يعد بمقدور أحد أن يخفى معها حدثاً ما يحدث فى أى مكان فى العالم، فضلاً عن أن مصداقية الخبر وحرية التحليل وإبداء الرأى صارا من الأمور الرئيسة فيما يسمى بالريادة الاعلامية والصحفية، فما بالنا اليوم وقد حررنا «الدستور» ذاته من وجود وزارة للاعلام نعود إلى ذلك رغم وجود المجلس الأعلى للاعلام والمتفرع عنه الهيئة الوطنية للاعلام والهيئة الوطنيه للصحافة وكأننا نقول لأنفسنا وللعالم أنه لا بد من وجود مايسترو يقود كتيبة الإعلاميين والصحفيين وهيئاتهم ليعزف الجميع نغمة واحدة!

إن تنميط صورة الاعلام بصيغتيه المرئية والمسموعة وجعل الجميع يعزف على نفس الوتر ويصدر نفس النغمه ربما يكون أكبر خطر يواجه ريادتنا الاعلامية والفكرية فى المنطقة العربية ويؤثر على مكانة مصر الدولية. وفى اعتقادى أن تعددية الآراء وإطلاق الحريات فى مجال الفكر والإعلام سيكون أكبر مكاسب مصر فى اللحظة الراهنة وفى المستقبل القريب والبعيد، فمصر زاخرة بإمكانيات هذه التعددية ولديها قيادات فكرية وقدرات بشرية فى مجالات الصحافة والاعلام تفوق ما هو ظاهر على السطح بمراحل كثيرة، وعدم الاستفادة من هذه القدرات والكفاءات وإبعادها عن القيادة والمشاركة ليس فى مصلحة إلا من يريدون تقزيم مصر والقضاء على ريادتها!!

 إن كل ما تتطلبه المرحلة هو بلورة ميثاق شرف عام لا يزيد على عشرة سطور يُنص فيه على ضرورة مراعاة الجميع فيما يكتبون أو يقولون ضرورات الأمن القومى المصرى والحفاظ على السلم الاجتماعى والعمل وفق موائيق الشرف المهنية ومن ثم التدقيق فى مصادر الأخبار والمصداقية فى رصد الواقع والعمل على بث روح وقيم العمل الجماعى الجاد لخدمة الوطن، وفيما عدا ذلك فليقل كل صاحب رأى ما يشاء فى حدود آداب القول وأخلاقيات الحوار.

 نحن لسنا فى حاجة لمايسترو يضبط إيقاع الأعمال الفكرية والاعلامية والفنية.. إلخ، فليس لدينا نغمات نشاز، بل ينبغى أن نثق فى أن لدينا مفكرين وإعلاميين ومثقفين واعين بقيمة الوطن وقادرين على الحفاظ على عوامل قوته وريادته، كما أن علينا أن نثق بأنه كلما اتيحت الفرصة لهؤلاء للحديث بحرية عن كل ما يحلمون به لوطنهم، كلما وجدنا وطناً وأمة تنهض وتتسارع وتيرة التنمية والابداع فيها بكل قوة، وتحيا مصر بكل قواها الوطنية قيادة وشعباً.