رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

مفارقة غريبة أن صاحب الملامح الحادة،و شرير السينما الأول,  كان يخاف من خياله، فكان يخشى من الظلام، ولم يكن في بدايته يحب أن يصنف كشرير إلا أنه رضخ بعدما وجد أن المنتجون يرونه كذلك، واستطاع أن يكون «الألفة» بين أشرار السينما .

ورغم أنه صاحب لقب شرير السينما المصرية إلا أنه لم يحصر نفسه في أدوار الشر فقط بل كان كذلك سفيرًا للخير في عدد من أدواره، وتمكن على مدار عقود طويلة من احتكار قلب المشاهد وتحقيق جماهيرية عريضة .

الفنان محمود المليجى ولد بحى المغربلين بالقاهرة لأسرة متوسطة،جده من أصل كردى عراقى،كان حريصا على حفظ القرآن الكريم فى كتاب الشيخ بشتك،بعد انتهائه من اتمام دراسته الابتدائية ،التحق بالمدرسة الخديوية الثانوية والتى عرفت وقتها باهتمامها بالأنشطة الطلابية وعلى رأسها التمثيل،فألتحق بفريق التمثيل بها،مما أتاح له أن يتتلمذ على يد كبار الفنانين مثل جورج أبيض وعزيز عيد .

أثناء قيامه بدور بمسرحية "ذهب"على مسرح المدرسة الخديوية ،أعجبت به الفنانة "فاطمة رشدى" و ضمته إلى فرقتها المسرحية، فترك الدراسة عام 1933 ليبدأ مشواره بعدد من الأدوار الصامتة والثانوية فى أعمال الفنانة فاطمة رشدى المسرحية ،كما قامت بانتاج فيلم له هو "الزواج على الطريقة الحديثة " و لكنه لم يحقق أى نجاح.

عمل "المليجى" ملقنا بالمسرح عقب ذلك ،إلى أن حصل على دور فى مسرحية "قيس و ليلى "،أعجبت بآدائه الفنانة "أم كلثوم "واختارته لآداء دور البطولة أمامها فى فيلمها "وداد" عام 1939، لتتوالى بعدها أعماله والتى وصلت إلى 750 فيلما منها "الأرض"،"ليلة ممطرة"و"الجريمة الضاحكة."

لم  يختلف اثنان على موهبه "المليجى"الفريدة، ورغم أنه تخلى عن الدراسة من أجل الفن، إلا أن- معشوقه - لم يبخل عليه وأعطاه النجومية التي يستحقها وجعله من بين مصاف كبار النجوم في مصر خلال القرن الماضي، برغم أن اسمه لم يتصدر يومًا أفيش السينما .

الفنان الراحل كان - بشهادة المقربون منه - شخصًا معطاء على المستوى الإنساني , لا يبخل على أحد، فكان إذا طلب قريب أو غريب منه شيئًا لا يتردد في مساعدته، حتى أنه عندما ظهر تلميذه فريد شوقي على الساحة وكان في بداية مشواره يستعين به المخرجون كبديل للمليجي، كان الأخير يتعمد أن يرفض الكثير من الأفلام ثم يتصل به قائلًا إنه ليس لديه وقتًا لهذا العمل، وبهذه الطريقة يستطيع فريد أن يطلب المبلغ الذي يريده عندما يعلم أن بديله الوحيد وأستاذه ترك الدور له .

الفنان الراحل استطاع أن يحقق أرقامًا قياسية من خلال أعماله، فعلى مدار نصف قرن لم يغب يومًا عن المشاهد، فهو صاحب أعلى رقم عرفته السينما للنجوم حيث شارك في بطولة 700 فيلم أي نحو 20% من كل إنتاج السينما المصرية، وبخلاف الكم استطاع أن يحقق عمقًا في أدواره جعل كل من يشاهده يعتبره حالة خاصة، حتى أن القدير يوسف وهبي قال عنه: "إنه الفنان الوحيد الذي أستطيع أن أقول عنه أنه أفضل من يوسف وهبي".

حياة المليجي الشخصية كانت مليئة بالأسرار فرغم أن الجمهور يظن أنه تزوج من الفنانة علوية جميل رفيقة عمره، وأنه كان مخلصًا لها، إلا أن الحقيقة غير ذلك، حيث ذكر الناقد السينمائي طارق الشناوي في مقال له بصحيفة الشرق الأوسط أن الراحل قد تزوج على علوية مرتين أحدهما من فنانة مسرحية مغمورة، وعندما علمت علوية بذلك طلبت منه أن يطلقها فذهب إليها وفعل ذلك وأخبرها أن تلك هي أوامر زوجته.

ولكن المفاجأة هنا أن الشناوي أكد أن الفنان الراحل في نهاية السبعينات قد تزوج من الفنانة الكوميدية سناء يونس سرًا، وأنها ظلت على ذمته حتى وفاته، ورفضت أن تعلن عن هذا الزواج احترامًا لمشاعر علوية جميل التي كان يعشقها المليجي ولا يستطيع أن يخبرها بهذا الأمر.

الشناوي قال عن هذا الحدث: «بعد رحيل المليجي أجريت معها حوارًا حكت فيه كل تفاصيل حياتها معه، ولكن قبل النشر اتصلت بي وطلبت مني ألا أكتب شيئا فلم ترض هي أيضا أن تغضب زوجته علوية جميل، ولكن قبل رحيل سناء يونس التقيت بها وذكرتها بالشرط فقالت لي : "يا ريتك مسمعتش كلامي وكنت نشرته ".

توفى الفنان محمود المليجى إثر إصابته بأزمة قلبية مفاجئة أثناء قيامه بدور فى فيلم "أيوب" ، حيث جلس الفنان محمود المليجى مع الفنان عمر الشريف لاحتساء القهوة ، ليبدأ المشهد الأخير من حياته موجها كلامه للفنان عمر الشريف " يا أخى الحياة دى غريبة جدا الواحد ينام و يصحى و ينام و يصحى و ينام و يشخر" ثم مال للأمام ، فبدأ الحاضرين فى الضحك ظنا منهم أنه يمثل حتى قاطعه الفنان عمر الشريف وقائلا "كفاية يا محمود" ليكتشف وفاته

أصيب الحاضرون و العاملون فى البلاتوه بالذهول أثر تأكدهم من وفاة الفنان محمود المليجى ،كما قال مخرج فيلم أيوب هانى لاشين :"محمود المليجى مات وهو يؤدى مشهد الموت"،وأعتبر مشهد موته مسرحى يليق بالفنان محمود المليجى الذى قضى معظم حياته يعمل بالفن ،فكان مؤمنا بأن الحياة كفاح و إبداع ، كانت من أقواله الشهيرة جملة سقراط "الإنسان لا ينزل النهر مرتين ".

 

[email protected]