رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

نواصل الحديث عن الأديب عباس محمود العقاد والكلام موصول للراحل الدكتور عاطف العراقى:

يقول "العراقى": "العقاد" عشق حزب الوفد واعتز به اعتزازاً كبيراً حتي بعد أن حدث نوع من الخلاف معه في فترة من الزمان، ويكفي أن أكبر مجلد صدر عن سعد زغلول كان من تأليف العقاد، والصلة بين العقاد وحزب الوفد كانت متوقعة، لأنه يؤمن بالحرية، ومن المعروف أن حزب الوفد هو أعظم حزب في تاريخ مصر، وكل مبادئه تقوم علي الإيمان بالحرية والديمقراطية بحيث كان المصريون يفرحون فرحاً بلا حدود حينما تصل إليهم الأنباء أن حزب الوفد كسب معركة الانتخابات وأن النحاس أصبح رئيسًا لوزراء مصر.

ولقدر وأهمية العقاد مازال يطالب الدكتور عاطف العراقي بضرورة التواصل معه وإحياء تراثه، بنشر كتبه علي نطاق واسع في طبعات شعبية، لأن الجيل الحالي لا يعلم شيئًا عن أسماء أكثر كتبه، خاصة أن العقاد كتب في كافة فروع الثقافة والتاريخ كله عربيًا وغربيًا،  كما كانت له خبرة وحكمة في الرد علي الخصوم وكشف العديد من وتفنيد أخطائهم التي يقعون فيها، وأذكر أنه قال لنا في ندوة من الندوات إن في مكتبتي 200 كتاب في علم الحشرات، وحينما أبدينا دهشتنا وسألناه عن أهميتها قال: لقد أفادتني في التعرف علي الحشرات الأدبية والفكرية التي انتشرت في حياتنا الثقافية.

 كما نادى "العراقي" بضرورة عقد الندوات التي تتحدث عن العقاد بشرط دعوة المتخصصين وليس المدعين لإلقاء الضوء علي أعماله وإبداعاته، والاستفادة من المحاضرات العامة والبرامج التليفزيونية والإذاعية.

ويتساءل "العراقي": أين أعمال العقاد من الدراما؟ فهل يعقل أن تظل هذه الإبداعات حبيسة الأدراج؟ يجب أن نتنبه إلي القمم ونعظمهم حتي يكونوا نبراسًا لشبابنا وقدوة في زمن عزت فيه القدوة.

 و"العقاد" يكفيه أنه كاتب العبقريات، ورغم أنه لم يوثقها فإن المعلومات التي وردت بها تدل علي أنه تحري الدقة الكاملة فيها، ولم يأخذ من المستشرقين، إنما اعتمد علي لغته وثقافته والمصادر المعتمدة، وتدل مناقشاته للقضايا علي أنه أتي بحقائق غابت عن غيره، وهو صاحب التعبيرات الأدبية التي لم يسبقه أحد إليها، وفي كتاباته الدينية أبدع في أشياء كثيرة منها علي سبيل المثال قوله: عن أسرة الصديق في عبقريته: "إذا أردت أن تناسب فأسأل عن البنات- في إشارة إلي السيدتين عائشة وأسماء- وهي عبارة فيها فلسفة بأسلوب جديد وهي كذلك صحيحة لأن المرأة إذا صلحت انارت البيت.

 و"العقاد" كذلك كان صاحب كبرياء وكان قمة في نفسه وفي نبوغه، وأي كتاب ألفه يستحق عليه درجة الدكتوراه، وربما هذا ما دفع البعض إلي اتهامه بالاستعلاء، وكان مثله الأعلي أباالعلاء المعري، ودفع ثمن ذلك من حريته بعد ذلك.

يقول الدكتور الراحل حماسة عبداللطيف إن العقاد لا يمكن أن يتصف بالاستعلاء، لأنه كان يمتلك قلب طفل، فكان وديعًا لطيفًا، وقد ألقيت علي مسامعه قصيدة وبعد أن انتهيت من إلقائها قام وسلم علي بحرارة وطلب مني أن أجلس علي مكتبه لأكتبها، وربما ظن الآخرون به كذلك لأنه قامة عالية لا يستطيعون الوصول إليها، فقد كان قمة في كل شيء ويبقي إنتاجه الرائع شاهدًا عليه متحدثًا عن عظمته.

و"العقاد" كان كاتبًا سياسيًا كتب عدة مقالات في جريدتي "المصري" و"الأخبار" ولم يكن عدوًا للمرأة كما أشيع عنه، بل علي العكس كان مدافعًا عنها، ونستطيع أن نري ذلك في مقالاته بمجلة "الهلال، وربما اتهم بذلك لأنه لم يتزوج وهو لم يفعل ذلك لأنه لم يجد وقتًا ينفقه في غير العلم.

وسر عبقرية العقاد يكمن في العمل الدائم المستمر والقراءة المنظمة التي ألزم نفسه بها والمعروف أنه لم يكمل تعليمه الرسمي ومع هذا نجده علي ما كان عليه من الشاعرية والعمل المنظم والتأليف والعكوف علي العلم والقراءة الواسعة وهذا يدعونا إلي إرشاد النشء إلي القراءة والتعليم الذاتي وعدم الاعتماد علي التعليم الرسمي فقط.

والفترة التي نشأ فيها العقاد كانت فترة إحياء جديدة فكانت مصر ترزح تحت الاحتلال الإنجليزي ووجود هذا الاحتلال دفع المصريين إلي العمل الجاد علي إنهائه والتمتع بالحرية وهو ما أفرز النهضة الحديثة في القرن العشرين. وشهدت البلاد تقدمًا في جميع المجالات بسبب وجود مشروع قومي وهدف جماعي يسعي الكل لتحقيقه.

[email protected]